وإنّما التفاوت بين المحصورة وغيرها هو: أنّ عدم الحصر ربما يلازم ما يمنع عن فعليّة المعلوم مع كونه فعليّاً - لولاه - من سائر الجهات.
وبالجملة: لا يكاد يرى العقل تفاوتاً بين المحصورة وغيرها في التنجّز وعدمِه، في ما كان المعلوم إجمالاً فعليّاً، يبعثُ المولى نحوَه فعلاً أو يزجر عنه كذلك، مع ما هو عليه من كثرة أطرافه.
والحاصل: أنّ اختلاف الأطراف في الحصر وعدمه لا يوجب تفاوتاً في ناحية العلم. ولو أوجب تفاوتاً فإنّما هو في ناحية المعلوم، في فعليّة البعث أو الزجر مع الحصر، وعدمِها (١) مع عدمه، فلا يكاد يختلف العلم الإجماليّ باختلاف الأطراف - قلّةً وكثرةً - في التنجيز (٢) وعدمه، ما لم يختلف المعلوم في الفعليّة وعدمها بذلك، وقد عرفت آنفاً: أنّه لا تفاوت بين التفصيليّ والإجماليّ في ذلك، ما لم يكن تفاوتٌ في طرف المعلوم أيضاً (٣)، فتأمّل تعرف.
مسلك الاقتضاء والإشكال عليه
وقد انقدح (٤): أنّه لا وجه لاحتمال عدم وجوب الموافقة القطعيّة مع حرمة مخالفتها (٥) ؛ ضرورة أنّ التكليف المعلوم إجمالاً لو كان فعليّاً لوجب موافقته قطعاً، وإلّا لم يحرم مخالفته كذلك أيضاً.
__________________
(١) في الأصل و « ر »: وعدمهما.
(٢) في « ق »: التنجّز.
(٣) الظاهر: زيادة هذه الكلمة ( أيضاً ) ؛ لظهورها في عدم انحصار مناط التنجيز في فعلية المعلوم فقط، بل للعلم دخل فيه أيضاً، وهذا خلاف ما صرّح به آنفاً. راجع منتهى الدارية ٦: ٢٧.
(٤) تعريض - كما في فوائد المصنف: ١٤٣ - ببعض كلمات الشيخ الأنصاري التي يظهر منها إمكان الترخيص في ارتكاب بعض أطراف الشبهة المحصورة وترك الموافقة القطعية. راجع فرائد الأُصول ٢: ٢٠٤.
(٥) الأولى أن يقال: « مع حرمة المخالفة القطعيّة »، وقد تقدم نظيره. ( منتهى الدراية ٦: ٢٨ ).