وبالجملة: حكم الشرع إنّما يتبع ما هو ملاك حكم العقل واقعاً، لا ما هو مناط حكمه فعلاً. وموضوعُ حكمه كذلك ممّا لا يكاد يتطرّق إليه الإهمال والإجمال، مع تطرّقه إلى ما هو موضوع حكمه شأناً، وهو ما قام به ملاك حكمه واقعاً، فربّ خصوصيّة لها دخلٌ في استقلاله مع احتمال عدم دخله، فبدونها لا استقلال له بشيءٍ قطعاً، مع احتمال بقاء ملاكه واقعاً، ومعه يحتمل بقاء حكم الشرع جدّاً ؛ لدورانه معه وجوداً وعدماً، فافهم وتأمّل جيّداً.

الاشارة إلى بعض لاختلاف في حجّية الاستصحاب

ثمّ إنّه لا يخفى اختلاف آراء الأصحاب في حجّيّة الاستصحاب مطلقاً، وعدمِ حجّيّته كذلك، والتفصيل بين الموضوعات والأحكام، أو بين ما كان الشكّ في الرافع وما كان في المقتضي، إلى غير ذلك من التفاصيل الكثيرة، على أقوال شتّى لا يهمُّنا نقلها ونقل ما ذكر من الاستدلال عليها.

حجّية الاستصحاب مطلقاً والأدلّة عليها:

وإنّما المهمّ الاستدلال على ما هو المختار منها - وهو الحجّيّة مطلقاً - على نحوٍ يظهر بطلانُ سائرها.

فقد استدلّ عليه (١) بوجوه:

١ - بناء العقلاء الإشكال عليه

الوجه الأوّل: استقرار بناء العقلاء من الإنسان - بل ذوي الشعور من كافّة أنواع الحيوان - على العمل على طبق الحالة السابقة، وحيث لم يردع عنه الشارع كان ماضياً.

الإشكال عليه

وفيه أوّلاً: منعُ استقرار بنائهم على ذلك تعبّداً، بل إمّا رجاءً واحتياطاً، أو اطمئناناً بالبقاء، أو ظنّاً (٢) - ولو نوعاً -، أو غفلةً، كما هو الحال في سائر

__________________

(١) في « ر »: عليها.

(٢) في « ر » زيادة: به.

۳۷۶۱