هل الحكم الوضعي مجعول مستقلاً كالتكليف أم لا ؟
وإنّما المهمُّ في النزاع هو: أنّ الوضع كالتكليف في أنّه مجعولٌ تشريعاً، بحيث يصحّ انتزاعه بمجرّد إنشائه، أو غيرُ مجعول كذلك، بل إنّما هو منتزع عن التكليف، ومجعول بتبعه وبجعله (١)(٢) ؟
أقسام الحكم الوضعي:
والتحقيق: أنّ ما عُدّ من الوضع على أنحاء:
منها: ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل تشريعاً أصلاً، لا استقلالاً ولا تبعاً، وإن كان مجعولاً تكويناً عرَضاً بعين جعل موضوعه كذلك.
ومنها: ما لا يكاد يتطرّق إليه الجعل التشريعيّ إلّا تبعاً للتكليف.
ومنها: ما يمكن فيه الجعل استقلالاً - بإنشائه - وتبعاً للتكليف - بكونه منشأً لانتزاعه -، وإن كان الصحيح انتزاعه من إنشائه وجعله، وكونُ التكليف من آثاره وأحكامه، على ما يأتي الإشارة إليه.
١ - ما لا يقبل التشريع أصلاً
أمّا النحو الأوّل: فهو كالسببيّة والشرطيّة والمانعيّة والرافعيّة لِما هو سبب التكليف وشرطه ومانعه ورافعه ؛ حيث أنّه لا يكاد يعقل انتزاع هذه العناوين لها من التكليف المتأخّر عنها ذاتاً، - حدوثاً أو (٣) ارتفاعاً -، كما أنّ اتّصافها بها ليس إلّا لأجل ما عليها (٤) من الخصوصيّة المستدعية لذلك تكويناً ؛ للزوم
__________________
(١) إشارة إلى ما اختاره الشيخ الأعظم من أنّ معنى كون الشيء سبباً لواجب هو الحكم بوجوب ذلك الواجب عند حصول ذلك الشيء. راجع فرائد الأُصول ٣: ١٢٦.
(٢) الأولى أن يقول: أو فيه تفصيل، كما صنع في أوّل العنوان ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٤: ٤٧٢ ).
(٣) في « ق »، « ر »، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: و....
(٤) الأولى: ذكر ضمير « هي » بين « ما » و « عليها ». ( منتهى الدراية ٧: ٢٦١ ).