ولا وجهَ لدعوى تنقيح المناط، مع ملاحظة أنّ رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحَكَمين، وتعارضِ ما استندا (١) إليه من الروايتين، لا يكاد يكونُ إلّا بالترجيح، ولذا أمر عليه‌السلام بإرجاء الواقعة إلى لقائه عليه‌السلام في صورة تساويهما في ما ذُكِر من المزايا، بخلاف مقام الفتوى.

ومجرّد مناسبة الترجيح لمقامها أيضاً، لا يوجب ظهور الرواية في وجوبه مطلقاً، ولو في غير مورد الحكومة، كما لا يخفى.

وإن أبيتَ إلا عن ظهورهما في الترجيح في كلا المقامين، فلا مجال لتقييد إطلاقات التخيير في مثل زماننا - ممّا لا يتمكّن من لقاء الإمام عليه‌السلام - بهما ؛ لقصور المرفوعة سنداً، وقصور المقبولة دلالةً ؛ لاختصاصها بزمان التمكّن من لقائه عليه‌السلام، ولذا ما أرجع إلى التخيير بعد فقْد الترجيح.

مع أنّ تقييدَ الإطلاقات الواردة في مقام الجواب عن سؤال حُكم المتعارضين - بلا استفصال عن كونهما متعادلين أو متفاضلين، مع ندرة كونهما متساويين جدّاً - بعيدٌ قطعاً، بحيث لو لم يكن ظهورُ المقبولة في ذاك الاختصاص لَوَجب حَمْلُها عليه، أو على ما لا ينافيها من الحمل على الاستحباب - كما فعله بعض الأصحاب (٢) -. ويشهد به الاختلاف الكثير بين ما دلّ على الترجيح من الأخبار (٢).

__________________

(١) أدرجنا الكلمة مثل ما وردت في الأصل « ن » ومنتهى الدراية، وفي غيرها: « ما استند ». قال في منتهى الدراية ٨: ١٣٣: بلفظ التثنية كما في النسخة المطبوعة عن نسخة الأصل، وهو الصحيح، دون ما في سائر النسخ من الإفراد ؛ وذلك لرجوعه إلى الحكمين.

(٢) (٢) نسبه المحقّق الشيخ عبد الحسين الرشتي ( شرح كفاية الأُصول ٢: ٣٢٤ ) إلى العلّامة المجلسي، والسيّد الصدر ( شرح الوافية: ٥٠٠ « مخطوط » ). والذي يظهر من شارح الوافية هو حمل جميع أخبار الترجيح - لا خصوص المقبولة - على الاستحباب.

۳۷۶۱