كان أحدهما نصّاً أو أظهر ؛ حيث إنّ بناء العرف على كون النصّ أو الأظهر قرينةً على التصرّف في الآخر.
وبالجملة: الأدلّة في هذه الصور وإن كانت متنافية بحسب مدلولاتها، إلّا أنّها غير متعارضة ؛ لعدم تنافيها في الدلالة وفي مقام الإثبات، بحيث تبقى أبناءُ المحاورة متحيّرةً، بل (١) بملاحظة المجموع أو خصوص بعضها، يتصرّف في الجميع أو في البعض عرفاً، بما ترتفع به المنافاة الّتي تكون في البين.
ولا فرق فيها (٢) بين أن يكون السند فيها قطعيّاً، أو ظنّيّاً، أو مختلفاً، فيقدّم النصّ أو الأظهر - وإن كان بحسب السند ظنّيّاً - على الظاهر، ولو كان بحسبه قطعيّاً.
وإنّما يكون التعارض في غير هذه الصور، ممّا كان التنافي فيه بين الأدلّة بحسب الدلالة ومرحلة الإثبات.
وإنّما يكون التعارض بحسب السند (٣)، في ما إذا كان كلّ واحد منها قطعيّاً دلالةً وجهةً، أو ظنّيّاً في ما إذا لم يمكن (٤) التوفيق بينها، بالتصرّف
__________________
(١) سوق العبارة يقتضي إبدال « بل » ب « إذ » ؛ لأنّ الظاهر أنّه في مقام تعليل عدم المنافاة في مقام الإثبات بين الدليلين، لا في مقام الترقّي من عدم المنافاة في مقام الإثبات إلى مطلب آخر. ( منتهى الدراية ٨: ٥٧ ).
(٢) لا يخلو من تعريض بمقالة الشيخ الأعظم ؛ حيث فصّل بين صورة قطعيّة سند الخاص ودلالته، وظنيّتهما، وقطعيّة الدلالة وظنيّة صدوره. انظر - للتوضيح - فرائد الأُصول ٤: ١٥ - ١٧، ومنتهى الدراية ٨: ٥٨ - ٥٩.
(٣) هذه العبارة تكرار لسابقتها، فالأولى: الاقتصار عليها وترك السابقة ؛ لكونها أبسط وأوفى في بيان المقصود منها. ( نهاية النهاية ٢: ٢٤٦ ).
(٤) أدرجنا ما هو المحتمل قوياً في الأصل، وفي طبعاته: يكن.