أ - جريان الاستصحاب في صورة الشك في الحكم من جهة الشك في بقاء قيده

فإن كان من جهة الشكّ في بقاء القيد، فلابأس باستصحاب قيده من الزمان (١)، كالنهار الّذي قُيِّد به الصومُ - مثلاً -، فيترتّب عليه وجوبُ الإمساك وعدمُ جواز الإفطار ما لم يقطع بزواله.

كما لا بأس باستصحاب نفس المقيّد (٢)، فيقال: إنّ الإمساك كان قبل هذا الآن في النهار، والآنَ كما كان، فيجب، فتأمّل.

ب - عدم جريان الاستصحاب في صورة الشك في الحكم من جهة احتمال كون الزمان قيداً له على نحو وحدة المطلوب

وإن كان من الجهة الاخرى، فلا مجال إلّا لاستصحاب الحكم في خصوص ما لم يؤخذ الزمان فيه إلّا ظرفاً لثبوته (٣)، لا قيداً مقوّماً لموضوعه، وإلّا فلا مجال إلّا لاستصحاب عدمه في ما بعد ذاك الزمان ؛ فإنّه غيرُ ما علم ثبوته له، فيكون الشكُّ في ثبوته له أيضاً شكّاً في أصل ثبوته بعد القطع بعدمه، لا في بقائه.

الاشكال على التفصيل والجواب عنه

لا يقال: إنّ الزمان لا محالة يكون من قيود الموضوع، وإن اخِذَ ظرفاً لثبوت الحكم في دليله ؛ ضرورة دخل مثل الزمان في ما هو المناط لثبوته، فلا مجال إلّا لاستصحاب عدمه.

فإنّه يقال: نعم، لوكانت العبرة في تعيين الموضوع بالدقّة ونظر العقل، وأمّا إذا كانت العبرة بنظر العرف، فلا شبهة في أنّ الفعل - بهذا النظر - موضوع واحد في الزمانين، قُطِع بثبوت الحكم له في الزمان الأوّل، وشُكَّ في بقاء هذا الحكم له وارتفاعه في الزمان الثاني، فلا يكون مجال إلّا لاستصحاب ثبوته.

__________________

(١) خلافاً للشيخ الأعظم الأنصاري، حيث لم يُجر إلّا استصحاب الحكم المترتّب على الزمان. انظر فرائد الأُصول ٣: ٢٠٥.

(٢) الظاهر أنّ أصل العبارة: نفس التقييد. ( حقائق الأُصول ٢: ٤٦٣ ).

(٣) لا يخفى: أنّ جعل ما أُخذ الزمان فيه ظرفاً لثبوت الحكم من أقسام المقيّد بالزمان لا يخلو من مسامحة ( حقائق الأُصول ٢: ٤٦٤ ).

۳۷۶۱