شبهة تعارض الاستصحابين في الصورة الأُولى والجواب عنها
لا يقال: فاستصحاب كلّ واحد من الثبوت والعدم يجري ؛ لثبوت كلا النظرين، ويقع التعارض بين الاستصحابين، كما قيل (١).
فإنّه يقال: إنّما يكون ذلك لو كان في الدليل ما بمفهومه يعمّ النظرين، وإلّا فلا يكاد يصحّ إلّا إذا سيق بأحدهما ؛ لعدم إمكان الجمع بينهما ؛ لكمال المنافاة بينهما، ولا يكون في أخبار الباب ما بمفهومه يعمّهما، فلا يكون هناك إلّا استصحاب واحد، وهو استصحاب الثبوت في ما إذا اخِذَ الزمانُ ظرفاً، واستصحابُ العدم في ما إذا اخِذَ قيداً ؛ لما عرفت من أنّ العبرة في هذا الباب بالنظر العرفيّ.
ولا شبهة في أنّ الفعل - في ما بعد ذاك الوقت مع قبله (٢) - متّحدٌ في الأوّل، ومتعدّدٌ في الثاني بحسبه ؛ ضرورةَ أنّ الفعل المقيّد بزمان خاصّ غيرُ الفعل في زمان آخر، ولو بالنظر المسامحيّ العرفيّ.
ج - جريان لاستصحاب في ما إذا كان الزمان قيداً للحكم بنحو تعدّد المطلوب
نعم، لا يبعد أن يكون بحسبه أيضاً متّحداً في ما إذا كان الشكّ في بقاء حكمه، من جهة الشكّ في أنّه بنحو التعدّد المطلوبيّ، وأنّ حكمه - بتلك المرتبة الّتي كان (٣) مع ذاك الوقت - وإن لم يكن باقياً بعده قطعاً، إلّا أنّه يحتمل بقاؤه بما دون تلك المرتبة من مراتبه، فيستصحب، فتأمّل جيّداً.
__________________
(١) قاله المحقّق النراقي في مناهج الأُصول والأحكام: ٢٣٧، وحكاه عنه الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ٣: ٢٠٨ - ٢٠٩.
(٢) أثبتنا ما في « ن »، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية. وفي الأصل وبعض الطبعات « معه قبله »، وفي حقائق الأُصول ٢: ٤٦٥: الظاهر أنّ أصل العبارة: مع ما قبله.
(٣) الظاهر: أنّ الصواب: « كانت » بدل « كان » ؛ لكونه صلة ل « التي ». ( منتهى الدراية ٧: ٤٣٣ ).