تقدير ثبوته، وإن لم يُحرز ثبوتُه، في ما رتّب عليه أثر شرعاً أو عقلاً ؟ إشكالٌ:
من عدم إحراز الثبوت، فلا يقين، ولابدّ منه، بل ولا شكّ، فإنّه على تقديرٍ لم يثبت.
ومن أنّ اعتبار اليقين إنّما هو لأجل أنّ التعبّد والتنزيل شرعاً انّما هو في البقاء، لا في الحدوث، فيكفي الشكّ فيه على تقدير الثبوت، فيتعبّد به على هذا التقدير، فيترتّب عليه الأثر فعلاً في ما كان هناك أثر، وهذا هو الأظهر.
وبه يمكن أن يُذبَّ عمّا في (١) استصحاب الأحكام الّتي قامت الأمارات المعتبرة على مجرّد ثبوتها، وقد شُكّ في بقائها على تقدير ثبوتها، من الإشكال بأنّه لا يقينَ بالحكم الواقعيّ، ولا يكون هناك حكم آخر فعليٌّ، بناءً على ما هو التحقيق (*) من: أنّ قضيّة حجّيّة الأمارة ليست إلّا تنجّز التكاليف مع الإصابة، والعذر مع المخالفة - كما هو قضيّة الحجّة المعتبرة عقلاً، كالقطع والظنّ في حال الانسداد على الحكومة -، لا إنشاء أحكام فعليّة شرعيّة ظاهريّة، كما هو ظاهر الأصحاب.
__________________
(١) الصواب: إبداله ب « ويمكن أن يذبّ ما في... »، وقد سبق نظيره.
(*) وأمّا بناءً على ما هو المشهور من كون مؤدّيات الأمارات أحكاماً ظاهريّة شرعيّة - كما اشتهر أنّ ظنيّة الطريق لا تنافي قطعيّة الحكم - فالاستصحاب جارٍ ؛ لأنّ الحكم الّذي أدّت إليه الأمارة محتمل البقاء ؛ لإمكان إصابتها الواقع، وكان ممّا يبقى. والقطع بعدم فعليّته حينئذٍ مع احتمال بقائه - لكونها بسبب دلالة الأمارة، والمفروض عدم دلالتها إلّا على ثبوته لا على بقائه - غيرُ ضائر بفعليّته الناشئة باستصحابه، فلا تغفل، منه قدسسره.