غير العلم (١)، وناهيك قولُه تعالى: ﴿ولا تَقْفُ ما ليسَ لكَ بِهِ عِلم﴾ (٢)، وقولُه تعالى: ﴿إنَّ الظنَّ لا يُغني مِنَ الحقِّ شيئاً﴾ (٣).
قلت: لا يكاد يكفي تلك الآيات في ذلك ؛ فإنّه - مضافاً إلى أنّها إنّما وردت إرشاداً إلى عدم كفاية الظنّ في اصول الدين، ولو سلّم فإنّما المتيقّن، لولا أنّه المنصرف إليه إطلاقُها، هو خصوص الظنّ (٤) الّذي لم يقم على اعتباره حجّة - لا يكاد يكون الردع بها إلّا على وجه دائر ؛ وذلك لأنّ الردع بها يتوقّف على عدم تخصيص عمومها، أو تقييد إطلاقها بالسيرة على اعتبار خبر الثقة، وهو يتوقّف على الردع عنها بها، وإلّا لكانت مخصِّصة أو مقيّدة لها (٥)، كما لا يخفى.
لا يقال: على هذا لا يكون اعتبار خبر الثقة بالسيرة أيضاً إلّا على وجهٍ دائر ؛ فإنّ اعتباره بها فعلاً يتوقّف على عدم الردع بها عنها، وهو يتوقّف على تخصيصها بها، وهو يتوقّف على عدم الردع بها عنها.
فإنّه يقال: إنّما يكفي في حجّيّته بها عدمُ ثبوت الردع عنها ؛ لعدم نهوض ما يصلح لردعها، كما يكفي في تخصيصها لها ذلك، كما لا يخفى ؛ ضرورة أنّ ما جرت عليه السيرة المستمرّة في مقام الإطاعة والمعصية، - وفي استحقاق
__________________
(١) سبق تخريجهما في استدلالات المنكرين لحجّيّة الخبر. راجع الصفحة: ٦٧ - ٦٨.
(٢) الإسراء: ٣٦.
(٣) يونس: ٣٦.
(٤) الأولى: فإنّما المتيقّن هو خصوص الظن الذي لم يقم على اعتباره حجّة، لولا أنّه المنصرف إطلاقها إليه. ( منتهى الدراية ٤: ٥١٥ ).
(٥) في « ر »: مقيَّدة بها. يلاحظ منتهى الدراية ٤: ٥١٧.