وثانياً: أنّه إنّما المراد (١) بتصديقه المؤمنين (٢) هو ترتيب خصوص الآثار الّتي تنفعهم ولا تضرّ غيرَهم، لا التصديق بترتيب جميع الآثار، كما هو المطلوب في باب حجّيّة الخبر (٣).
ويظهر ذلك من تصديقه صلىاللهعليهوآله للنّمام بأنّه ما نمّه، وتصديقه لله تعالى بأنّه نمّه (٤)، كما هو المراد من التصديق في قوله عليهالسلام: « فصدِّقه وكذِّبهم » حيث قال - على ما في الخبر -: « يا محمَّد (٥)، كذِّب سمعَك وبصرَك عن أخيك، فإن شهدَ عِندك خمسون قسامة أنّه قال قولاً، وقال: لم أقله، فصدّقه وكذّبهم » (٦)، فيكون مراده تصديقَه بما ينفعه ولا يضرّهم، وتكذيبَهم في ما يضرّه ولا ينفعهم، وإلّا فكيف يحكم بتصديق الواحد وتكذيب خمسين ؟
__________________
(١) الأولى: وثانياً أنّ المراد. ( منتهى الدراية ٤: ٤٩٣ ).
(٢) في غير « ر »: للمؤمنين.
(٣) هذان الإيرادان مذكوران في فرائد الأُصول ١: ٢٩٢.
(٤) إشارة إلى ما رواه القمّي في تفسيره ( ١: ٣٠٠ ) في سبب نزول الآية: أنّه نمّ منافقٌ على النبي صلىاللهعليهوآله فأخبره الله تعالى بذلك، فأحضره النبي صلىاللهعليهوآله وسأله، فحلف له أنّه لم ينمّ عليه، فقبِل منه النبي صلىاللهعليهوآله فأخذ الرجل يطعن على النبي صلىاللهعليهوآله: إنه يقبل كل ما يسمع، فأخبر الله تعالى بأنّه نمّ عليه.
(٥) أثبتنا العبارة كما في مصادر الحديث، وفي أصل الكتاب وطبعاته: « يا أبا محمد ». والصحيح ما أثبتناه ؛ لأنّه خطاب لمحمد بن الفضيل الراوي للحديث، وكنيته: أبو جعفر. راجع منتهى الدراية ٤: ٤٩٥.
(٦) وسائل الشيعة ١٢: ٢٩٥ الباب ١٥٧ من أبواب أحكام العِشرة، الحديث ٤، مع اختلاف في بعض الألفاظ.