أنّ وجودَه في ضمن المتعدّد من أفراده ليس من نحو وجودٍ واحد له، بل متعدّدٍ حسَبَ تعدُّدِها، فلو قَطع بارتفاع ما عُلم وجوده منها لقَطَع بارتفاع وجوده (١)، وإن شكّ في وجود فردٍ آخر مقارنٍ لوجود ذاك الفرد، أو لارتفاعه بنفسه أو بملاكه، كما إذا شكّ في الاستحباب بعد القطع بارتفاع الإيجاب بملاكٍ مقارن أو حادث.

شبهة جريان الاستصحاب في بعض موارد القسم الثالث

لا يقال: الأمر وإن كان كما ذُكر، إلّا أنّه حيث كان التفاوت بين الإيجاب والاستحباب - وهكذا بين الكراهة والحرمة - ليس إلّا بشدّة الطلب بينهما وضعفه، كان تبدّلُ أحدهما بالآخر - مع عدم تخلّل العدم - غيرَ موجبٍ لتعدّد وجود الطبيعيّ بينهما ؛ لمساوقة الاتّصال مع الوحدة، فالشكّ في التبدّل حقيقةً شكٌّ في بقاء الطلب وارتفاعه، لا في حدوث وجودٍ آخر.

الجواب عن الشبهة

فإنّه يقال: الأمر وإن كان كذلك، إلّا أنّ العرف حيث يرى الإيجابَ والاستحباب المتبادلين فردَيْن متباينَيْن، لا واحداً (٢) مختلفَ الوصف في زمانين، لم يكن مجالٌ للاستصحاب ؛ لما مرّت الإشارة إليه ويأتي (٣) من أنّ قضيّة إطلاق

__________________

(١) في منتهى الدراية: وجوده منها.

(٢) في « ر »، « ق »، « ش »، حقائق الأُصول ومنتهى الدراية: « لا واحدٌ ». وفي الأصل و « ن » مثل ما أثبتناه. راجع منتهى الدراية ٧: ٣٦٤.

(٣) مرّت الإشارة إليه في بداية الاستصحاب إذ قال في الصفحة: ٢٠١: إلّا أنّه لمّا كان الاتحاد بحسب نظر العرف كافياً في تحقّقه... كان جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية... بمكانٍ من الإمكان. وسيأتي شرحه في تتمّة الاستصحاب في الصفحة: ٢٦٥ عند قوله: فالتحقيق أن يقال: إنّ قضيّة إطلاق خطاب « لا تنقض » هو أن يكون بلحاظ الموضوع العرفي.

۳۷۶۱