البناء والعمل، لا الحقيقة ؛ لعدم كون الانتقاض بحسبها تحت الاختيار، سواء كان متعلّقاً باليقين - كما هو ظاهر القضيّة - أو بالمتيقّن، أو بآثار اليقين، بناءً على التصرّف فيها بالتجوّز، أو الإضمار ؛ بداهةَ أنّه كما لا يتعلّق النقضُ الاختياريّ - القابل لورود النهي عليه - بنفس اليقين، كذلك لا يتعلّق بما كان على يقينٍ منه، أو أحكامِ اليقين، فلا يكاد يجدي التصرّفُ بذلك في بقاء الصيغة على حقيقتها، فلا مجوِّز له، فضلاً عن الملزم، كما تُوهّم (١).

لا يقال: لا محيصَ عنه (٢) ؛ فإنّ النهي عن النقض بحسب العمل، لا يكاد يراد بالنسبة إلى اليقين وآثاره ؛ لمنافاته مع المورد.

فإنّه يقال: إنّما يلزم لو كان اليقين ملحوظاً بنفسه وبالنظر الاستقلاليّ، لا ما إذا كان ملحوظاً بنحو المرآتيّة وبالنظر الآليّ، كما هو الظاهر في مثل قضيّة « لا تنقض اليقين » ؛ حيث تكون ظاهرة عرفاً في أنّها كنايةٌ عن لزوم البناء والعمل، بالتزام (٣) حكم مماثل للمتيقّن تعبّداً إذا كان حكماً، ولحكمه إذا كان موضوعاً، لا عبارةً عن لزوم العمل بآثار نفس اليقين، بالالتزام بحكمٍ مماثل لحكمه شرعاً ؛ وذلك لسراية الآليّة والمرآتيّة من اليقين الخارجيّ إلى

__________________

(١) في فرائد الأُصول ٣: ٧٩. لكنّه - بعد بيان ما يوهم إرادة النقض الحقيقي - قال: « فالمراد إمّا نقض المتيقّن، والمراد به رفع اليد عن مقتضاه، وإمّا نقض أحكام اليقين... والمراد حينئذ رفع اليد عنها » ( المصدر نفسه: ٨٠ )، وهو صريح في أنّ النقض المتعلّق بالمتيقن أو أحكام اليقين يراد منه النقض عملاً، لا حقيقة. انظر نهاية الدراية ٥: ٥٩، حقائق الأُصول ٢: ٤٠٩ ومنتهى الدراية ٧: ١١١.

(٢) لا يخفى: أنّه كان الأنسب إسقاط قوله: « لا محيص عنه » ؛ إذ بعد إثبات امتناعه لا وجه لدعوى كونه لا محيص عنه. ( حقائق الأُصول ٢: ٤١٠ ).

(٣) الأولى: تعديته ب « على » ليصح تعلّقه بكلّ من البناء والعمل ؛ لأنّه لم يُعهد تعدية البناء - بمعنى العمل - بالباء. ( منتهى الدراية ٧: ١١٤ ).

۳۷۶۱