إشكالان في المقام والجواب عنهما

إن قلت: كيف يحكم بصحّتها مع عدم الأمر بها (١) ؟ وكيف يصحّ الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصّلاة الّتي أُمر بها، حتّى في ما إذا تمكّن ممّا أُمر بها، - كما هو ظاهر إطلاقاتهم - بأن علم بوجوب القصر أو الجهر بعد الإتمام والإخفات، وقد بقي من الوقت مقدارُ إعادتها قصراً أو جهراً ؟ ؛ ضرورة أنّه لا تقصير هاهنا يوجب استحقاقَ العقوبة.

وبالجملة: كيف يحكم بالصحّة بدون الأمر ؟ وكيف يحكم باستحقاق العقوبة مع التمكّن من الإعادة ؟ لولا الحكم شرعاً بسقوطها وصحّة ما أُتي بها.

قلت: إنّما حكم بالصحّة لأجل اشتمالها على مصلحة تامّة، لازمةِ الاستيفاء في نفسها، مهمّةٍ في حدّ ذاتها، وإن كانت دون مصلحة الجهر والقصر، وإنّما لم يؤمر بها لأجل أنّه أُمر بما كانت واجدةً لتلك المصلحة على النحو الأكمل والأتمّ.

وأمّا الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكّن من الإعادة، فإنّها بلا فائدة (٢) ؛ إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة الّتي كانت في المأمور بها، ولذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلاً - مع تمكّنه من التعلّم - فقد قصّر، ولو علم بعده (٣) وقد وسع الوقت.

__________________

(١) هذا الإشكال أورده الشيخ قدس‌سره وذكر وجوهاً ثلاثة في الجواب عنه وناقش فيها. راجع فرائد الأُصول ٢: ٤٣٧ - ٤٤٠.

(٢) كان المناسب أن يقول: فلأنّها - أي الإعادة قصراً - بلا فائدة. ( حقائق الأُصول ٢: ٣٧٠ ).

(٣) في « ر »: مع تمكّنه من التعلّم لا يعيد قصراً لو علم بعده.

۳۷۶۱