الإشكال على الانحلال بوجود المانع منه والجواب عنه
إن قلت: نعم، لكنّه إذا لم يكن العلم بها مسبوقاً بالعلم بالتكاليف (١).
قلت: إنّما يضرّ السبق إذا كان المعلوم اللاحق حادثاً آخر (٢)، وأمّا إذا لم يكن كذلك، بل ممّا ينطبق عليه ما علم أوّلاً، فلا محالة قد انحلّ العلم الإجماليّ إلى التفصيليّ والشكّ البدويّ.
توهّم صحّة الانحلال على القول بالسببيّة في الأمارات
إن قلت: إنّما يوجب العلمُ بقيام الطرق - المثبِته له بمقدار المعلوم بالإجمال - ذلك، إذا كان قضيّة قيام الطريق على تكليفٍ موجباً لثبوته (٣) فعلاً. وأمّا بناءً على أنّ قضيّة حجّيّته واعتباره شرعاً ليس إلّا ترتيبَ ما للطريق المعتبر عقلاً - وهو تنجُّز ما أصابه والعذر عمّا أخطأ عنه -، فلا انحلال لما علم بالإجمال أوّلاً، كما لا يخفى.
الجواب عن التوهّم
قلت: قضيّة الاعتبار شرعاً - على اختلاف ألسنة أدلّته - وإن كان ذلك - على ما قوّيناه (٤) في البحث (٥) -، إلّا أنّ نهوض الحجّة على ما ينطبق (٦) عليه المعلوم بالإجمال في بعض الأطراف، يكونُ عقلاً بحكم الانحلال، وصَرْف
__________________
(١) في الأصل و « ق » و « ش »: بالواجبات.
(٢) أثبتنا « آخر » من « ر ».
(٣) لا يخفى اغتشاش العبارة، واللازم: حذف كلمة « قضيّة » أو إسقاط « موجباً » مع لام « لثبوته ». ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٤: ٩٣ ).
(٤) أثبتنا الكلمة كما وردت في « ر » ومنتهى الدراية. وفي غيرهما: قوّينا.
(٥) في أوائل مباحث الأمارات، في الصفحة: ٤٠ حيث قال: والحجّية المجعولة غير مستتبعة لإنشاء أحكام تكليفية... بل إنّما تكون موجبة لتنجّز التكليف به إذا أصاب.
(٦) الأولى أن يقال: « على ما يمكن أن ينطبق عليه المعلوم بالإجمال » ؛ حيث إنّ ظاهر قوله: « ينطبق » هو تسليم الانطباق، فالإنحلال حينئذٍ يصير حقيقياً لا حكميّاً، وهو ينافي قوله: « يكون عقلاً بحكم الإنحلال ». ( منتهى الدراية ٥: ٣٩٤ ).