وبما دلّ على وجوب الاحتياط من الأخبار الواردة بألسنة مختلفة (١).
والجواب: أنّه لا تهلكة (٢) في الشبهة البدويّة، مع دلالة النقل على الإباحة (٣)، وحكمِ العقل بالبراءة، كما عرفت.
وما دلّ على وجوب الاحتياط - لو سلّم - وإن كان وارداً على حكم العقل ؛ فإنّه كفى بياناً على العقوبة على مخالفة التكليف المجهول - ولا يُصغى إلى ما قيل (٤) من: أنّ إيجاب الاحتياط إن كان مقدّمةً للتحرّز عن عقاب الواقع المجهول، فهو قبيح، وإن كان نفسيّاً فالعقاب على مخالفته، لا على مخالفة الواقع ؛ وذلك لما عرفت من أنّ إيجابه يكون طريقيّاً، وهو عقلاً ممّا يصحّ أن يحتجّ به على المؤاخذة في مخالفة الشبهة، كما هو الحال في أوامر الطرق والأمارات والأُصول العمليّة (٥) -، إلّا أنّها تُعارَض بما هو أخصّ و(٦) أظهر ؛ ضرورة أنّ ما دلّ على حلّيّة المشتبه أخصّ، بل هو
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ٤: ١٧٧، الباب ١٦ من أبواب المواقيت، الحديث ١٤ و١٣: ٤٦، الباب ١٨ من أبواب كفارات الصيد، الحديث ٦ و٢٧: ١٥٤، ١٦٧، ١٧٢، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي، الحديث ١ و٤٦ و٦١.
(٢) في أكثر الطبعات: مهلكة.
(٣) لا توجد عبارة « على الإباحة » في الأصل، وأثبتناها من بعض طبعات الكتاب.
(٤) قاله الشيخ الأعظم في فرائد الأُصول ٢: ٧١.
(٥) الصواب أن يقال: « وبعض الأُصول العمليّة » كما عبّر به في حاشيته على الفرائد: ١١٦ ؛ إذ الأمر المولوي الطريقي على فرض تسليمه في الأُصول العمليّة لا يتعلّق إلّا بالاستصحاب. راجع منتهى الدراية ٥: ٣٤٦ - ٣٤٨.
(٦) في « ن » وحقائق الأُصول: أو. يراجع منتهى الدراية ٥: ٣٤٨ لتوضيح الوجهين في العاطف.