مثل المسألة، ممّا احتمل قريباً (١) أن يكون وجه ذهاب الجلّ - لولا الكلّ - هو اعتقاد أنّه ممّا اتّفق عليه العقلاء، من الرجوع إلى أهل الخبرة من كلّ صنعة في ما اختصّ بها.

والمتيقّن من ذلك إنّما هو في ما إذا كان الرجوع يوجب الوثوق والاطمئنان، ولا يكاد يحصل من قول اللغويّ وثوقٌ بالأوضاع، بل لا يكون اللغويّ من أهل خبرة ذلك (٢)(٣)، بل إنّما هو من أهل خبرة موارد الاستعمال ؛ بداهة أنّ همّه: ضبط موارده، لا تعيين أنّ أيّاً منها كان اللفظ فيه حقيقةً أو مجازاً، وإلّا لوضعوا لذلك علامةً. وليس ذكره أوّلاً علامةَ كونِ اللفظ حقيقةً فيه ؛ للانتقاض بالمشترك.

الدليل الثاني: انسداد باب العلم بتفاصيل المعاني موجب لحجّية قول اللغوي

وكونُ موارد الحاجة إلى قول اللغويّ أكثر من أن يحصى - لانسداد باب العلم بتفاصيل المعاني غالباً (٤)، بحيث يُعلم بدخول الفرد المشكوك أو خروجه، وإن كان المعنى معلوماً في الجملة - لا يوجبُ اعتبار قوله مادام انفتاح باب العلم بالأحكام، كما لا يخفى.

ومع الانسداد كان قوله معتبراً - إذا أفاد الظنّ - من باب حجّيّة مطلق الظنّ، وإن فُرض انفتاح باب العلم باللّغات بتفاصيلها في ما عدا المورد.

نعم، لو كان هناك دليل على اعتباره، لا يبعد أن يكون انسداد باب العلم بتفاصيل اللّغات موجباً له على نحو الحكمة، لا العلّة.

__________________

(١) هذا الوجه حكاه الشيخ الأعظم عن الفاضل السبزواري. راجع فرائد الأُصول ١: ١٧٤، ورسالة في تحريم الغناء، ضمن مجموعة رسائل في حكم الغناء ١: ٤٦.

(٢) هذا الجواب أيضاً مذكور في فرائد الأُصول ١: ١٧٥.

(٣) الأولى أن يقال: من أهل الخبرة بها. ( منتهى الدراية ٤: ٣٣٣ ).

(٤) المستدلّ بالانسداد هو المحقّق التقي في هداية المسترشدين ١: ٢١٣.

۳۷۶۱