ومنها: أنّه لو لم يجب ترجيح ذي المزيّة لزم ترجيح المرجوح على الراجح، وهو قبيح عقلاً، بل ممتنع قطعاً (١).

وفيه: أنّه إنّما يجب الترجيح لو كانت المزيّة موجبة لتأكّدُ ملاك الحجّيّة في نظر الشارع ؛ ضرورةَ إمكان أن تكون تلك المزيّة بالإضافة إلى ملاكها، من قبيل الحَجَر في جنب الإنسان، وكان (٢) الترجيح بها بلا مرجّح، وهو قبيح، كما هو واضح، هذا.

مضافاً إلى ما هو في الإضراب من الحكم بالقبح إلى الامتناع، من أنّ الترجيح بلا مرجّح في الأفعال الاختياريّة - ومنها الأحكام الشرعيّة - لا يكون إلّا قبيحاً (٣)، ولا يستحيل وقوعه إلّا على الحكيم تعالى، وإلّا فهو بمكانٍ

__________________

(١) هذا الدليل نسبه السيّد الطباطبائيّ إلى العلّامة الحلّي وآخرين. راجع مفاتيح الأُصول: ٦٨٧. واعتمد عليه المحقّق القمّي أيضاً، يراجع قوانين الأُصول ٢: ٢٧٨.

(٢) الأولى: « فكان... » ؛ لأنّ كون الترجيح بها بلا مرجّح، نتيجة إمكان عدم دخل المزيّة في ملاك الحجّية، فالتفريع أولى من العطف. ( منتهى الدراية ٨: ١٩٨ ).

(٣) في العبارة مسامحة واضحة ؛ إذ ظاهره كونه في الأفعال الاختيارية قبيحاً دائماً، لا ممتنعاً، وفي غيره ممتنعاً دائماً. والثاني وإن كان كذلك، إلّا أنّ الأول ليس كما ذكره ؛ إذ المرجّح فيه إن كان بمعنى العلّة فهو أيضاً محالٌ ذاتاً. وإن كان بمعنى الداعي العقلائي، فهو يصير قبيحاً من دون الاستحالة الذاتية ؛ إذ الداعي الغير العقلائي المحرّك للفاعل يكفي في وجوده. وقد تدارك هذه المسامحة في آخر العبارة بقوله: وبالجملة الترجيح... ( كفاية الأُصول مع حاشية المشكيني ٥: ١٨٣ - ١٨٤ ).

۳۷۶۱