الحكم بهما قاعدةً مضروبةً لما شكّ في طهارته أو حلّيّته ؛ وذلك لظهور المغيّا فيها في بيان الحكم للأشياء بعناوينها، لا بما هي مشكوكة الحكم، كما لا يخفى.

فهو (١) وإن لم يكن له بنفسه مساسٌ بذيل القاعدة ولا الاستصحاب، إلّا أنّه بغايته دلّ على الاستصحاب ؛ حيث إنّها ظاهرة في استمرار ذلك الحكم الواقعيّ ظاهراً ما لم يعلم بطروء ضدّه (٢) أو نقيضه.

كما أنّه لو صار مغيّا لغايةٍ - مثل الملاقاة بالنجاسة أو ما يوجب الحرمة - لدلّ على استمرار ذاك الحكم واقعاً، ولم يكن له حينئذٍ - بنفسه ولا بغايته - دلالةٌ على الاستصحاب.

ولا يخفى: أنّه لا يلزم على ذلك استعمالُ اللفظ في معنيين أصلاً (٣)، وإنّما يلزم لو جُعِلَت الغاية - مع كونها من حدود الموضوع وقيوده - غايةً لاستمرار حكمه، ليدلّ على القاعدة والاستصحاب، من غير تعرّضٍ لبيان الحكم الواقعيّ للأشياء أصلاً، مع وضوح ظهور مثل: « كلُّ شيءٍ حلالٌ » أو « طاهرٌ »، في أنّه لبيان حكم الأشياء بعناوينها الأوّليّة، وهكذا: « الماءُ كلّه طاهرٌ »، وظهورِ الغاية في كونها حدّاً للحكم لا لموضوعه، كما لا يخفى، فتأمّل جيّداً.

__________________

(١) الأولى: تأنيث الضمائر والأفعال: « فهي وإن لم يكن لها بنفسها... إلّا أنّها بغايتها دلّت... » وذلك لأنّ المقصود منها « الأخبار ». انظر منتهى الدراية ٧: ٢٢٤.

(٢) في الأصل: « ما لم يعلم بارتفاعه لطروء ضدّه ». وفي طبعاته مثل ما أثبتناه.

(٣) هذا دفع للإشكال الذي أورده الشيخ الأعظم على صاحب الفصول، حيث ذهب صاحب الفصول إلى جواز إرادة قاعدة الطهارة والاستصحاب من موثقة عمّار، وأورد عليه الشيخ بأنّ إرادة القاعدة والاستصحاب ممّا يوجب استعمال اللفظ في معنيين. راجع الفصول: ٣٧٣ وفرائد الأُصول ٣: ٧٤.

۳۷۶۱