وتنزيله منزلةَ القطع في طريقيّته - في الحقيقة -، إلى الواقع ومؤدّى الطريق، وفي كونه بمنزلته، في دخله في الموضوع إلى أنفسهما، ولا يكاد يمكن الجمع بينهما.
نعم، لو كان في البين ما بمفهومه جامعٌ بينهما، يمكن (١) أن يكون دليلاً على التنزيلين، والمفروض أنّه ليس. فلا يكون دليلاً على التنزيل إلّا بذاك اللحاظ الآليّ، فيكون حجّةً موجبةً لتنجّز متعلّقه، وصحّةِ العقوبة على مخالفته، في صورتَي إصابته وخطئه، بناءً على استحقاق المتجرّي، أو بذلك اللحاظ الآخر الاستقلاليّ، فيكون مثله في دخله في الموضوع، وترتيبٍ ما لَه عليه من الحكم الشرعيّ.
لا يقال: على هذا لا يكون دليلاً على أحد التنزيلين، ما لم يكن هناك قرينةٌ في البين.
فإنّه يقال: لا إشكال في كونه دليلاً على حجّيّته ؛ فإنّ ظهوره في أنّه بحسب اللحاظ الآليّ، ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه، وإنّما يحتاج تنزيله - بحسب اللحاظ الآخر الاستقلاليّ - من نصْبِ (٢) دلالةٍ عليه. فتأمّل في المقام، فإنّه دقيقٌ، ومزالُّ الأقدام للأعلام.
ولا يخفى: أنّه لولا ذلك، لأمكن أن يقوم الطريقُ بدليل واحد - دالّ على إلغاء احتمال خلافه - مقامَ القطع بتمام أقسامه، ولو في ما أُخذ في الموضوع على نحو الصفتيّة، كان تمامه، أو قيده وبه قوامه (٣).
__________________
(١) الأولى: أمكن.
(٢) الصواب: إلى نصب. ( منتهى الدراية ٤: ٩٧ ).
(٣) تعريض بتفصيل الشيخ الأعظم من قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي الطريقي، وعدم قيامها مقام القطع الصفتي. راجع فرائد الأُصول ١: ٣٤.