- فضلاً عن محتمله - ليس بواجب الدفع شرعاً ولا عقلاً ؛ ضرورةَ عدمِ القبح في تحمّل بعض المضارّ ببعض الدواعي عقلاً، وجوازِه شرعاً.
مع أنّ احتمال الحرمة أو الوجوب لا يلازم احتمالَ المضرّة (١)، وإن كان ملازماً لاحتمال المفسدة أو ترك المصلحة ؛ لوضوح أنّ المصالح والمفاسد الّتي تكون مناطات الأحكام - وقد استقلّ العقل بحسن الأفعال الّتي تكون ذات المصالح، وقبحِ ما كان ذات المفاسد - ليست براجعةٍ إلى المنافع والمضارّ، وكثيراً مّا يكون محتمل التكليف مأمونَ الضرر. نعم، ربما تكون المنفعة أو المضرّة مناطاً للحكم شرعاً وعقلاً.
إن قلت: نعم، ولكنّ العقل يستقلّ بقبح الإقدام على ما لا تؤمن مفسدته، وأنّه كالإقدام على ما علم مفسدته، كما استدلّ به شيخ الطائفة قدسسره على أنّ الأشياء على الحظر أو الوقف (٢).
قلت: استقلاله بذلك ممنوع، والسند: شهادة الوجدان، ومراجعة ديدن العقلاء من أهل الملل والأديان، حيث إنّهم لا يحترزون ممّا لا تؤمن مفسدته، ولا يعامِلون معه معاملةَ ما علم مفسدته، كيف ؟ وقد أذِن الشارع بالإقدام عليه، ولا يكاد يأذن بارتكاب القبيح، فتأمّل.
__________________
(١) الأولى: سوق العبارة هكذا: « لا يلازم احتمال المضرّة أو المنفعة.... ( منتهى الدراية ٥: ٣١٧ ).
(٢) استدلّ الشيخ الطوسي بهذا الحكم العقلي على القول بالوقف، فقال: « وذهب كثير من الناس إلى أنها على الوقف... وهو الذي يقوى في نفسي » لكنّه قال - قبل هذا -: وذهب كثير من البغدادييّن وطائفة من أصحابنا الإماميّة إلى أنّها على الحظر، ووافقهم على ذلك جماعة من الفقهاء. ( العدّة ٢: ٧٤٢ ).