ذات منشأ الانتزاع ، وترتيب أثر الموجود بوجوده ، كترتيب أثر الطبيعي على فرده المستصحب ، بخلاف استصحاب ذات الجسم ، وترتيب أثر البياض ، فانهما متباينان في الوجود.
وصدر العبارة في المتن يقتضي إرادة الشق الأول ، وذيلها ظاهر في إرادة الشق الثاني.
والتحقيق - بناء على إرادة الشق الثاني - أن الأمر الانتزاعي :
إن كان من الحيثيات اللازمة للذات - وهو الذاتي في كتاب البرهان - فهو متيقن ومشكوك ، كمنشأ انتزاعه ، فهو المستصحب ، وهو الموضوع للأثر ، لا أنهما متحدان في الوجود.
وإن كان عرضيا بقول مطلق ، فكما ان استصحاب ذات الجسم وترتيب اثر البياض مثبت ، كذلك استصحاب ذات زيد وترتيب أثر الابوة عليه مثبت ، ومجرد اتحادهما - في الوجود بقاء - لا يجدي شيئا.
فتلخص مما ذكرنا أن نسبة المستصحب إلى موضوع الأثر إن كانت نسبة الفرد إلى الطبيعي صح الاستصحاب ، وكذا إن كانت نسبته إليه نسبة المعنون الى عنوانه ، سواء كان مبدأ العنوان قائما بذات المعنون بقيام انتزاعي أو بقيام انضمامي.
وأما إن كانت نسبته إليه نسبة المنشأ إلى الأمر الانتزاعي المصطلح ، فلا يصح الاستصحاب ، إذ ليس ذات المنشأ موضوعا للأثر.
نعم إن كان الأمر الانتزاعي ذاتيا للمنشأ - بالمعنى المصطلح عليه في كتاب البرهان - صح استصحاب الأمر الانتزاعي الموجود بوجود منشئه ، لا نفس المنشأ وترتيب أثر الأمر الانتزاعي عليه.
وتوهم - أن المنشأ بمنزلة السبب ، فلا مجال للأصل في المسبب ، مع إمكان جريانه في السبب - مدفوع : بأنه لا ترتب للأمر الانتزاعي على منشئه شرعا - بل عقلا - حتى يجدي الأصل في السبب للتعبد بالمسبب لئلا يبقى مجال لاجرائه في المسبب.
(٩٢) قوله قدس سره : بين ان يكون مجعولا شرعا بنفسه... الخ (١)
قد تقدم في مبحث الأحكام الوضعية : (٢) إن الشرطية وشبهها من اللوازم التكوينية
__________________
(١) الكفاية ٣٣٠ : ٢.
(٢) تقدم في التعليقة : ٤٤.