توضيحه : إن موضوع الحكم إذا كان أمرا وجوديا خاصا بخصوصية التقدم ، أو التأخر ، أو التقارن ، وكان هذا الخاص بوجوده المحمولي موضوعا للأثر ، فعدمه - سواء كان من قبيل عدم العنوان بعدم معنونه ، أو كان عدم المبدأ بعدم موضوعه ، أو كان عدم الاضافة بين ذات الموضوع وعرضه بعدم طرفيها - له حالة سابقة ، فاستصحاب عدمه في نفسه جار ، ولا يسقط إلا بالمعارضة ؛ لترتب الأثر على موجود آخر باحد الأوصاف ، أو على وجود الشيء بوصف آخر ، مقابل له ، بأن كان لتقدمه أثر ، ولتأخره أثر آخر.
ومما ذكرنا يتضح أن عدم المتقدم - كعدم التقدم وهكذا - له حالة سابقة.
وإن كان هذا الخاص بوجوده الرابط - أي كون الشيء متقدما رتب عليه أثر فظاهر المتن أنه لا حالة سابقة لعدمه.
وهو إنما يصح إذا أريد التعبد بعدمه : إما بنحو العدم والملكة بنحو الموجبة المعدولة المحمول ، أي كونه غير متقدم ، وإما بنحو السلب والايجاب بنحو السالبة المحصلة ، ولكن بانتفاء المحمول.
وأما إذا أريد مجرد عدم كونه متقدما - أي نفي المأخوذ على وجه الربط - حيث لا موجب لأزيد من نفي موضوع الأثر ، وهو متحقق بسلب الربط ، ولو بسلب موضوعه ، فاستصحاب عدم الرابط جار في نفسه ، فان نقيض الوجود الرابط عدم الرابط ، لا العدم الرابط ، لئلا يكون له حالة سابقة. (١)
ولبعض أعلام العصر (٢) تفصيل بوجه آخر ، وهو أن الموضوع إذا كان مركبا من العرض ومحله ، فوجوده ناعتي ، وعدمه كذلك ، فاستصحاب عدمه المحمولي لا يجدي إلاّ على الأصل المثبت ، وإذا كان مركبا من عرضين لمحل واحد ، أو لمحلين ، فليس وجود أحدهما للآخر ناعتا ، فلا يجب أن يكون عدمه كذلك ، فيجدي استصحاب عدمه المحمولي.
وقد تعرضنا في تعليقة البراءة لبيانه ودفعه في مسألة إصالة عدم التذكيه ، وبينا هناك وجوه الخلط فيه. (٣)
إلا أن الذي استقر عليه رأيه أخبر (٤) وبنى جريان الاستصحاب وعدمه عليه هنا
__________________
(١) انظر ج ٤ : التعليقة ٤٢.
(٢) هو المحقق النائيني « قده » في التنبيه التاسع من الاستصحاب : « فوائد الاصول ج ٥٣٢ : ٢ وج ١٨٦ : ٤ » .
(٣) ج ٤ : التعليقة : ٤٢.
(٤) كما في اجود التقريرات : ج ٤٢٤ : ٢ « التنبيه التاسع من الاستصحاب » .