يكون متيقنا سابقا ، مشكوكا لاحقا ، بل عدم ضد - مشكوك الحدوث - كوجود ضده ، وفرض لحاظ العدم بنحو الوحدة والاستمرار ، كفرض وحدة وجود النهار واستمراره ، بل عدم كل سنخ من الوجود على طبع ذلك الموجود ، فتدبر.
(٧٢) قوله قدس سره : فان كان الشك في بقاء القيد... الخ (١)
لا يخفى عليك أن مورد هذه الشرطية كمورد الشرطية الآتية - في كلامه (قده) - وإن كان منقسما إلى ما يكون ظرفا لثبوت الحكم ، وما يكون مقوما لموضوعه ، لكنه لما كان القيد - على أي حال - مجرى الاستصحاب لمكان الشك في بقائه ، لم يكن وجه لتقسيمه إلى الظرف والمقوم.
إلا أنه لا يخفى عليك أن القيد ، كما يكون تارة ظرفا ، كقولنا إذا دخل النهار فامسك ؛ حيث أن ظاهره ترتب أصل الحكم بالامساك على ثبوت النهار ، فيكون التعبد ببقائه تعبدا بترتب الحكم عليه ، كنفس الحكم الواقعي المعلق على تحقق النهار ، وأخرى مقوما ، بحيث يكون دخيلا في مصلحة الامتثال ، إلا أن المقوم على قسمين : فتارة يكون بوجوده المحمولي قيدا دخيلا في مصلحة الامساك ، وأخرى يكون بوجوده الناعتي دخيلا فيها.
فالأولى - كما إذا قيل : إمسك في النهار ، فاذا كان الامساك محققا بالوجدان ، والنهار محققا بالتعبد كفى في كون الامساك في النهار ، فانه إمساك بالوجدان في النهار التعبدي.
والثانية - كما إذا قيل يجب الامساك النهاري ، فان مجرد استصحاب النهار لا يجدي في كون الامساك نهاريا ، أي معنونا بهذا العنوان ، لا بالتعبد ، ولا بالوجدان ، والمفروض تعلق الحكم بالمعنون بهذا العنوان - بما هو - لا بالامساك ، مع وقوعه في النهار الذي هو منشأ انتزاع ذلك العنوان.
فالتعبد - بالنهار - غير التعبد بكون الامساك نهاريا ، والقيدية بمعنى الشرطية للواجب ، وإن كانت تقتضي تقيد الواجب ، ولا تعبد بالتقيد في الأول أيضا ، إلاّ أن تقيد الامساك بكونه في النهار التعبدي وجداني لا حاجة فيه إلى التعبد ، بخلاف الامساك النهاري ، فانه لا تعبدي ، ولا وجداني.
نعم إذا كان الامساك النهاري موضوعا للحكم صح استصحاب كون الامساك
__________________
(١) الكفاية ٣١٧ : ٢.