فيه ذاتا لا عرضا.
(٧٥) قوله قدس سره : وإلا فلا مجال الا لاستصحاب عدمه... الخ (١)
الكلام تارة في استصحاب العدم الأزلي ، وأخرى في استصحاب العدم المجعول.
أما الكلام في الأول ، فنقول : ظاهر شيخنا (قده) في بعض كلماته (٢) صحته ، من حيث أن عدم الحكم ، وان كان غير مجعول فيما لم يزل ، لكنه مجعول فيما لا يزال ، فيقبل التعبد به بقاء ، وإن لم يكن تعبديا ثبوتا ، ويكفي في صحة الاستصحاب قبول التعبد بقاء ، فان موقع التعبد في الاستصحاب هو البقاء دون غيره.
والتحقيق أن العدم الأزلي هو العدم الذي ليس بديلا للايجاب الذي أمره بيد الشارع ، إذ المفروض أنه ليس في الأزل موقع التشريع ، كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى في الأصل المثبت.
ومعنى جعل العدم ابقاؤه على حاله بعدم قلبه إلى نقيضه بالاختيار في موقع إمكان التشريع. فالعدم الذي يكون بلحاظ بديله مستندا إلى الشارع هو عدم الحكم في زمان ورود الشرع ، وليس هو عين العدم الأزلي بقاء ، بل لازم عقلي له ؛ إذ لازم عدم قلب العدم - إلى النقيض بالاختيار - بقاء العدم الأزلي على حاله ، لا أنه عينه ، حتى يكون العدم الواحد ، تارة غير مستند إلى الشارع ، وأخرى مستندا إليه.
فما هو متيقن غير مجعول ، وما هو مجعول غير متيقن في السابق ، بل لازمه. فالتعبد به بلسان التعبد ببقاء العدم الأزلي - مع أن العدم الأزلي ليس من قبيل الموضوع للعدم المجعول ، كما هو واضح - لا يصح إلا بناء على الأصل المثبت.
إلا أن يقال : بخفاء الواسطة ، وأن العدم الأزلي ، وإن كان غير العدم الذي هو بديل للأمر المجعول ، بالدقة ، لكنه عينه عرفا ، فيرى العرف استمرار العدم ، وإن كان اضطراريا تارة واختياريا اخرى.
وأما الكلام في الثاني ، فنقول : العدم الذي هو بديل الوجود المجعول بالذات ، وينسب الجعل إليه بالعرض ، كبديله كلاهما مشكوك ، ليس شيء منهما - بما هو مستند إلى الشارع - متيقنا ، لكن الوجوب من أول انعقاد الشريعة ليس فعليا ، فيمكن استصحاب عدم الوجوب الشرعي الفعلي.
__________________
(١) الكفاية ٣١٧ : ٢.
(٢) الكفاية ٢ : التنبيه العاشر : ٣٣٢.