مضافا إلى أن مورد إعمال المرجحات التعبدية ما إذا كانت أمارة الصدور ، أو أمارة جهة الصدور ، فلا محالة يكون مجال لاحتمال عدم الصدور ، أو احتمال الصدور (١) لبيان الحكم الواقعي ، وإلا فمورد البرهان ، وامتناع التعبد خارج عن مورد إعمال المرجح التعبدي ، كما هو واضح.

وعن هذا المحقق - المشار إليه في المتن - تقريب تقديم المرجح الجهتي على المرجح الصدوري بطريق الأولوية.

ومحصله : إن قطعية الصدور لا تمنع عن حمل الموافق على التقية ، فالتعبد بالصدور أولى بعدم المنع من حمل الموافق على التقية.

ويندفع : بما مرّ من أن قطعية الصدور لا تقتضي إلا صدور الكلام ، لا الحكم الفعلي ، فان القطع بحكمين فعليين متنافيين غير معقول ، بخلاف التعبد بالصدور ، فان صدور الكلام بما هو غير قابل للتعبد ، بل باعتبار اشتماله على الحكم ، ولا يعقل التعبد بالحكم وحمله على التقية ، فلا مساواة فضلا عن الأولوية.

ومنه علم أنه لا فرق في هذا المحذور بين أن يكون كلا الخبرين مقطوعي الصدور ، أو كان أحدهما قطعيا والآخر تعبديا ، فان الموافق غير قابل للتعبد وحمله على التقية ، سواء كان في قبال القطعي ، أو التعبدي.

وأما إذا كان القطعي موافقا للعامة ، والتعبدي مخالفا لهم ، فانما يؤخذ بالمخالف ، ولا ينظر إلى المرجح صدورا ، لعدم مجال لإعمال المرجح صدورا ، حيث أن طرفه قطعي الصدور ، ولا معنى لإعمال المرجح صدورا إلا فيما إذا احتمل عدم الصدور في المرجوح ، ومورد المزاحمة بين المرجح الصدوري ، والمرجح الجهتي ما إذا كانا تعبديين صدورا وجهة ، لا ما إذا كان كلا الطرفين أو أحدهما قطعيا.

[٥٧] قوله قدس سره : موافقة الخبر لما يوجب الظن بمضمونه... الخ (٢)

الترجيح بها - كما في المتن - لوجهين :

أحدهما - البناء على التعدي عن المرجحات المنصوصة ، بتقريب : إن موافقة الكتاب مثلا لا توجب إلا أقربية مضمون الموافق للكتاب للواقع ، مع أن الكتاب أمارة مستقلة ، لا توجب قوة دلالة أحد الخبرين ، ولا قوة ملاك حجيته ، وبعد إلغاء خصوصية الكتاب تكون الشهرة الفتوائية المطابقة لمضمون أحد الخبرين أيضا موجبة لأقربية ما يوافقها

__________________

(١) يحتمل سقط كلمة « لا » هنا.

(٢) الكفاية ٤١٧ : ٢.

۴۳۰۱