منها : إن إحراز الطهارة السابقة - حيث كان منزلا منزلة إحرازها بالفعل - صح التعليل بقوله عليه السلام ( لأنك كنت على يقين ) (١) كما هو ظاهر الصحيحة ، فالعلة كونه على يقين ، لا كونه متطهرا.
إلا أنه مبني على كون الشرط الواقعي إحراز الطهارة وجدانا ، لا نفسها.
وأيضا يبتنى على كون قضية ( لا تنقض ) مسوقة لترتيب آثار اليقين لا المتيقن - كما هو مبنى شيخنا (٢) قدس سره وغيره -.
ومنها - إن القضية المزبورة ، وإن كان مفادها : لأنك كنت على طهارة ، إلا أن الشرط - في هذه الحال - إذا كان إحراز الطهارة ، فالطهارة - التي هي جزء الموضوع - هي الطهارة العنوانية المقومة لصفة اليقين ، لا الطهارة الخارجية ، وإلا لوجبت الاعادة.
ومن الواضح : إن الطهارة - العنوانية المقومة لصفة اليقين - لا يتخلف عنها ، ولا يعقل أن يكون لها انكشاف الخلاف.
وبالجملة : الشرط مطلقا هي الطهارة ، غاية الأمر إن الشرط الواقعي هي الطهارة ، التي لها مطابق في الخارج ، والشرط الفعلي في حال الجهل هي الطهارة ، وإن لم يكن لها مطابق في الخارج. ومقوم الاحراز هي الطهارة التي لا تتوقف على وجودها الخارجي ، لأن المعلوم بالذات مقوم لصفة العلم لا المعلوم بالعرض.
وفيه إن طبيعي الطهارة ، وإن كان محفوظا في الذهن والعين ، إلا أن الظاهر من قوله عليه السلام ( لأنك كنت على يقين من طهارتك ) (٣) لحاظ الطهارة فانية في مطابقها الخارجي ، وابقاء مثلها مورد التعبد ، لا ابقاء طبيعي الطهارة ، وعنوانها المقوم للاحراز حتى لا يكون فرق بين شرطية إحراز الطهارة والطهارة العنوانية.
ومنها - إن الطهارة حيث أنها إذا وجدت لا تزول إلا برافع ، فلها اقتضاء البقاء ، والطهارة الثابتة اقتضاء عين الطهارة التي هي شرط واقعا ؛ فنزل الشارع الطهارة الاقتضائية منزلة الطهارة الواقعية الفعلية ، واعطاها حكمها وهي الشرطية.
ومن المعلوم إن الطهارة الاقتضائية لا تزول برافعها ، بل الزائل هي الفعلية ، فصح تعليل عدم وجوب الاعادة ، لمكان وجود الطهارة الاقتضائية التي هي شرط في هذه الحال بلسان وجود الطهارة الفعلية التي هي شرط واقعا ، حيث أن الأولى عين الثانية.
__________________
(١و٣) في الصحيحة الثانية : الوسائل ٢ : ص ١٠٦١.
(٢) راجع الكفاية ٢٨٧ : ٢ وتعليقته المباركة على الرسائل عند بيان حقيقة « لا تنقض » : ١٨٨ ، تبعا لاستاذه المحقق الميرزا الشيرازي « قده » .