وكمال علمي أو عملي منه تعالى.
وتفاوت ارباب العلوم النظرية في جودة الاستنباط وسرعته من ناحية جودة الفهم واتقان المقدمات.
نعم تزيد هذه القوة باعمالها في الاستنباط كما في سائر الملكات فتدبر.
[٦٢] قوله قدس سره : فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به... الخ (١)
قد عرفت أنفا ان الاجتهاد عمل يحصل من القوة المزبورة ، لانفسها ، الاّ ان المطلق منه - اصطلاحا - في قبال التجزيء ليس الاّ بالمعنى المذكور ، لوضوح ان المقتدر على استنباط الكل ولو لم يستنبط الاّ البعض مجتهد مطلق لا متجز.
وليعلم ان المجتهد - بعنوانه - لم يقع موضوعا للحكم في آية ولا في رواية ، بل الموضوع في الروايات هو الفقيه (٢) والراوي (٣) ومن يعرف احكامهم (٤) عليهم السّلام أو شيئا منها (٥) .
واجمع رواية في هذا الباب مقبولة عمر بن حنظلة حيث قال عليه السّلام :
ينظر الى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فليرضوا به حكما الخبر (٦) .
فانه ربما امكن ان يقال انه مخصوص بالمجتهد اصطلاحا ، نظرا الى قوله عليه السّلام : ( ونظر في حلالنا وحرامنا ) فان النظر في الشيء هو النظر العلمي في قبال : النظر الى الشيء ، فانه بمعنى الرؤية والابصار ، ولذا ورد في حكاية الخليل عليه السّلام ان المراد من قوله تعالى : ﴿ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقٰالَ إِنِّي سَقِيمٌ ﴾ (٧) هو النظر في مقتضياتها واثارها ، لا النظر اليها بابصارها.
__________________
(١) الكفاية ٤٢٣ : ٢.
(٢) انظر الوسائل ٩٤ : ١٨ حديث ٢٠.
(٣) انظر الوسائل ١٠١ : ١٨ : حديث ٩.
(٤) انظر المقبولة الآتية.
(٥) انظر الوسائل ٤ : ١٨ : حديث ٥.
(٦) الوسائل ٩٨ : ١٨ : باب ١١ من ابواب صفات القاضي : حديث ١.
(٧) الصافات : ٨٨.