[٣٣] قوله قدس سره : ولا وجه للافتاء به في المسألة الفرعية... الخ (١)
لأن حكم الواقعة واقعا تعييني ، لا تخييري ، فكيف يجوز الافتاء بالتخيير بين وجوب القصر ووجوب الاتمام مثلا ؟
والتحقيق ما مر مرارا ، من أن أدلة حجية الخبر كلية ، وأدلة الحجية الفعلية تعيينا أو تخييرا - في مورد التعارض - مفادهما جعل أحكام مماثلة لمؤدياتها ، فحجية الخبر الراجح ، القائم على وجوب القصر - مثلا - إيجاب القصر تعيينا ، بلسان ايجاب التصديق مثلا ، وحجية الخبرين المتعادلين تخييرا - القائمين على وجوب القصر والاتمام - إيجاب القصر والاتمام تخييرا ، بلسان ( إذن فتخير ) ولا منافاة بين أن لا يكون حكم الواقعة - بعنوانها الأولي - وجوب القصر ، والاتمام تخييرا ، وأن يكون حكمها - بعنوان قيام الخبرين المتعادلين - وجوبهما تخييرا.
وليس الحكم الأصولي لبّا إلاّ الحكم العملي الفرعي ، وإنما يختلفان عنوانا.
والحكم الأصولي - وإن كان يتوجه إلى المجتهد ، فانه الذي جاءه النبأ ، وجاءه الحديثان المتعارضان ، أو تيقن بالحكم سابقا ، وشك في بقائه لاحقا ، فهو المأمور عنوانا بالتصديق وبالترجيح ، وبالتخيير وبالإبقاء.
لكنه إذا لم يكن للحكم مساس به ، بل بمقلديه ، فلا يعقل جعل الحكم المماثل عليه لبّا ، بل هو المأمور عنوانا ، ومقلده مأمور لبّا ، حيث أنه بأدلّة جواز الإفتاء ، ووجوب التقليد يكون المجتهد نائبا عن المقلد فيما يمسه ، فهو المحكوم بتلك الأحكام عنوانا ، ومقلده محكوم بها لبّا.
وعليه ، فلا مجال إلاّ للإفتاء بالحكم المجعول في حق المقلد لبّا ، وهو على الفرض وجوب القصر والاتمام تخييرا بلسان ( إذن فتخير ) وبعنوان ( بأيّهما أخذت من باب التسليم وسعك ) . فتدبره فانه حقيق به.
[٣٤] قوله قدس سره : قضية الاستصحاب لو لم نقل... الخ (٢)
ظاهره استصحاب التخيير الثابت بقوله عليه السّلام : ( اذن فتخير ) (٣) وبقوله
__________________
(١) الكفاية ٣٩٦ : ٢.
(٢) الكفاية ٣٩٧ : ٢.
(٣) عوالي اللئالي ١٣٣ : ٤ : حديث ٢٢٩.