المصلحة العامة ، والمفسدة العامة ، اللازمة مراعاتهما لحفظ النظام. وملاك الحكم الشرعي المولوي هي المصالح والمفاسد الخاصة ، التي يتفاوت فيهما حال الأشخاص ، بل ربما تتفاوت بحسب الأزمان ، وربما لا يكون لها دخل في انحفاظ النظام وبقاء النوع.

وعليه - فلا موجب لكون الموضوع أعم أو أخص مما يكون فيه الملاك المولوي ، وقد عرفت : أن المراد من موضوع الحكم والارادة والمصلحة - واقعا - نفس معروضها ، لا بما هو معروضها ، حتى يؤخذ ماله دخل في فعلية ترتب المصلحة والارادة والحكم في موضوع الحكم.

وأما ما عن الشيخ الأجل - قدس سره - في الرسائل (١) في مقام الجواب : من أن العبرة - في الاستصحاب من باب الاخبار - بما هو موضوع عرفي ، فهو تسليم للاشكال بناء على اعتبار الموضوع العقلي.

وحينئذ فيرد عليه نظير ما أورد على الموضوع العرفي ، من أن الموضوع الدليلي إذا كان على خلافه العقل لا يكون موضوعا لحكم الشارع واقعا ، بل البرهان العقلي قرينة على خلاف الظهور الكاشف عن الواقع ، فيحدد به موضوع الحكم حقيقة. وجوابه ما عرفت في الموضوع العرفي.

ومنها - إن الموضوع إذا كان له مراحل ثلاثة ، فهل يمكن أن يفيد الاطلاق حرمة النقض - سواء كان عقلا أو دليلا أو عرفا - أو يختص باحد الاعتبارات ، لعدم معقولية الاطلاق‌ ؟

ظاهر شيخنا العلامة ( رفع الله مقامه ) (٢) - كما تقدم منه قدس سره في أواخر البحث عن استصحاب الامور التدريجية - عدم إمكان الاطلاق ، لعدم إمكان الجمع بين النظرين ، إذا لم يكن هناك جامع مفهومي يعم النظرين.

وتحقيق الحال : إن اعتبار الشيء بشرط شيء ، واعتباره لا بشرط قسميا إعتباران متقابلان ، فتارة يكونان متقابلين وجودا ، كما إذا رتب حكم شخصي على الماء مثلا ، فان الماء - المفروض كونه موضوعا - لا يعقل أن يلاحظ متقيدا بالتغير ، وأن يلاحظ مطلقا من حيث التغير وعدمه. وأخرى يكونان متقابلين من حيث التأثير ، كما إذا رتبت النجاسة على الماء المتغير في قضية ، وعلى الماء إذا تغير في قضية أخرى ، فان تعدد القضية

__________________

(١) الرسائل : ٣٢٥ : في تقسيم الاستصحاب باعتبار دليل المستصحب.

(٢) الكفاية ٣١٨ : ٢.

۴۳۰۱