حتى يكون تركه نقضا منهيا عنه.
وأما في قاعدة اليقين فطلب إبقاء اليقين - حقيقة - طلب إعادة المعدوم ، وطلب ايجاد اليقين بالحدوث - بعد زواله - ليس من طلب الابقاء ، ولا تركه نقضا.
وأما نقض المتيقن ، فالاحكام الشرعية ، وجملة من الموضوعات الخارجية ، خارجة عن تحت الاختيار ، فطلب إبقائها - حقيقة - طلب أمر غير مقدور.
وأما بعض الموضوعات الداخلة تحت الاختيار - كابقاء الطهارة والحدث - فحيث أن الفرض كونها مشكوكة ، فهي واقعا إما باقية أو زائلة ، فطلبها على الأول طلب الحاصل ، وعلى الثاني طلب إعادة المعدوم. وطلب ايجادها ابتداء على الأول طلب المثلين ، وعلى الثاني طلب الجمع بين النقيضين ، مع أنه - على أي تقدير - ليس من طلب الابقاء الذي تركه نقض.
فلابد من صرف النهي عن نقض اليقين ، أو المتيقن - الظاهر في النقض الحقيقي - إلى النقض العملي ، الذي سيأتي - إن شاء الله تعالى - توضيحه.
ومما ذكرنا تبين أن عدم إمكان إرادة النقض الحقيقي ليس في جميع الصور بملاك واحد ، وهو عدم كونه اختياريا ، كما هو ظاهر العبارة (١) .
ثم إن النهي عن نقض اليقين بالشك ؛ حيث أنه - كما سيجيء إن شاء الله تعالى - يرجع الى التعبد بالمتيقن أو بآثاره ، فهل هو بعنوان الكناية ؟ أو بالتجوز في كلمة اليقين بارادة المتيقن ؟ أو بالاضمار : بأن يراد باليقين ما كان منه على يقين ؟ أو بالتجوز في الاسناد ، (٢) لأن النقض المنهي عنه ، حقه أن يسند إلى المتيقن ، فاسند إلى اليقين به لتعلقه به ؟
والظاهر أن إرجاع نقض اليقين (٣) الى التعبد بالمتيقن أو بآثاره بنحو الكناية - دون غيره من الوجوه - أوجه ، لوجوه :
منها أن الكناية - كما هو المعروف - أبلغ من سائر أنحاء التجوز.
ومنها حفظ المقابلة بين الناقض والمنقوض أي صفة اليقين والشك في التصرف الكنائي ، بخلاف إرادة المتيقن ، فانه لا مقابلة بين المتيقن والشك ، ولا معنى لناقضية
__________________
(١) وكذلك ظاهر عبارة الشيخ « قده » ، الرسائل : ٣٣٦.
(٢) كما ذهب اليه المحقق الآشتياني « قده » في كتابه « بحر الفوائد » ص ٤٤ من الاستصحاب.
(٣) اي ارجاع النهي عن نقض اليقين.