ولا يخفى عليك أن ترتب المقتضيات المزبورة على مورد اليقين والشك ، إذا كان كافيا في صدق النقض ، فلا وجه للايراد عليه : بأن كون الاعادة نقضا إنما هو بملاحظة الأمر الظاهري واقتضائه للاجزاء ، فكيف يكون النقض ، مع قطع النظر عنه محققا ، حتى يكون النهي عنه في قوة عدم ايجاب الاعادة - والحال إن الحكم لا يحقق موضوع نفسه -

وجه عدم وروده : إن من كان متطهرا واقعا يجوز له الدخول في الصلاة ، وتلك الصلاة علة لحصول ملاكها الباعث على الأمر ، وحصوله علة لسقوطه.

وحينئذ ، فلا يجب الاعادة ، فكما أن الامتناع في نفسه نقض كذلك الاعادة ، والتعبد بالطهارة أمر بالصلاة معها ، وموجب لعدم الاعادة ، لكون الامتناع عن الدخول نقضا ، ولكون الاعادة بعد حصول الملاك نقضا.

وأما إشكال عدم كون ايجاب الاعادة ، وعدم ايجابها من الآثار الشرعية المترتبة على الطهارة ، فهو وارد على أي حال. وسيأتى إن شاء الله تعالى الجواب عنه.

هذا كله بناء على أن مفاد التعليل كون الاعادة نقضا.

وأما على الثاني - وهو كون وجوبها خلفا لمنافاته لحرمة نقض اليقين بالشك الراجعة لبّا إلى الأمر بالصلاة مع الطهارة المشكوكة المقتضي للأجزاء ، وعدم وجوب الاعادة -

فتقريبه : إن قوله عليه السلام : ( لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ) (١) تارة - من باب تعليل صحة الصلاة ، وعدم لزوم الاعادة بوجود شرطها ، بتحقيق موضوعها في السابق ، وجعل الشرطية لها في حال الشك فيها.

وأخرى - من باب التوطئة لتحقيق الأمر الظاهري الاستصحابي المقتضي للاجزاء ، حتى يكون وجوب الاعادة منفيا بمنافاته للأمر الظاهري المقتضي للاجزاء ، إلا أن كون الاعادة داخلة تحت عنوان النقض المنهي عنه ، لمكان وجود الشرط ، وجعل الشرطية له بقاء. هو الظاهر ، لأن الظاهر كفاية كبرى حرمة نقض اليقين في عدم وجوب الاعادة.

بخلاف منافاة وجوب الاعادة للأمر بالصلاة ، مع الطهارة الكذائية ، فانه لا ينافيه بالذات ، بل بتبع اقتضائه للاجزاء ، والملازمة غير ظاهرة ، ولا مفروغ عنها ، حتى يكتفي في مقام نفي وجوب الاعادة بمجرد وجود الأمر الظاهري.

ومما ذكرنا يتضح فساد القياس بمثل قوله ( الخمر حرام لأنه مسكر ) بدعوى أنه لا يستقيم التعليل به إلا بملاحظة كبرى كلية ، وهي : إن كل مسكر حرام ، فالكبرى الكلية

__________________

(١) الوسائل ج ٢ : الباب ٤١ من ابواب النجاسات : ١٠٦١ الحديث ١.

۴۳۰۱