لاستصحاب الحكم.

نعم بقاء الحكم المختار على حاله - حتى بعد رفع اليد عنه بعدم الالتزام به - ملازم لعدم بقاء وجوب الالتزام تخييرا ، كما أن بقاء وجوب الالتزام تخييرا ملازم لعدم بقاء الحكم المختار على حاله بعد رفع اليد عنه بعدم الالتزام به.

وقد تقدم شطر من الكلام في محذور وجوب الالتزام عند تأسيس الأصل بناء على الطريقية والموضوعية ، فراجع. (١)

[٣٥] قوله قدس سره : ولا تحير له بعد الاختيار... الخ (٢)

لا يخفى عليك أن التحير - في الحكم الواقعي - متحقق ، حتى فيما إذا كان أحد الخبرين أرجح من الآخر ، مع أنه لا تخيير ، مضافا إلى أنه لا يرتفع بالاختيار.

والتحير في الحكم - العقلي - في المتعادلين يرتفع بنفس العلم بالتخيير ، ومثله يستحيل أن يكون عنوانا لموضوعه ، كيف‌ ؟ وهو يرتفع بمجرد العلم بالحكم الفعلي ، فكيف يدور الحكم الفعلي مداره‌ ؟ بل هو شرط لحدوثه ، لا عنوان لموضوعه ، بل الموضوع : من جاءه الحديثان المتعارضان من دون مزية معتبرة لأحدهما على الآخر ، وهو محفوظ إلى الآخر ، لا ينقلب عما هو عليه بالاختيار ، ولا بالعلم بالحكم الفعلي ، فلا مانع من الاطلاق - اذا تمت سائر مقدماته - ولا من الإستصحاب.

وأما ما في كلام الشيخ الاعظم (قدس سره) في مقام الخدشة في الاستصحاب : من أن موضوع الحكم من لم يختر ، ولم يلتزم بأحد الخبرين ، فاثباته لمن اختار ، والتزم بأحد الخبرين إثبات للحكم في غير موضوعه (٣) .

فمندفع : بأن الموضوع ذات من لم يختر ، ولم يلتزم ، لا بهذا العنوان ، لاستحالة طلب الاختيار والالتزام من المعنون بعنوان عدم الاختيار وعدم الالتزام ، لامتناع اجتماع النقيضين ، كما هو كذلك في جميع موارد طلب فعل من شخص ، فانه يستحيل أخذ الفعل أو تركه عنوانا لموضوعه ، فلا حاجة الى دعوى كفاية الوحدة العرفية.

وأما ما ربما يتخيل من أن الغرض ليس ثبوت الحكم للمتحير ، فان ارتفاعه قطعي ، لا أنه مشكوك ، بل الغرض إن موضوع الحكم لم يعلم أنه المتحير ، حتى يكون مرتفعا أو

__________________

(١) التعليقة ١٤.

(٢) الكفاية ٣٩٧ : ٢.

(٣) الرسائل : ٤٤٠ : ذيل إن التخيير في المتعادلين مختص بالمجتهد أم لا ؟

۴۳۰۱