باقيا بحسب عملهم لأبقائهم له عملا ، وليس له بقاء عندهم مع قطع النظر عن ابقائهم له عملا.
ومنه يظهر أن تفسير الحكم بالبقاء - باعتبار بقائه عملا شرعا ، أو من باب بناء العقلاء ، واعتبار بقائه ظنا من باب العقل - وإن صح جامعا بالقاء قيد العمل في الاولين ، وقيد الظن في الأخير (١) إلا أن اعتبار البقاء عملا ليس إلا الابقاء العملي ، وهو غير صالح للتوصيف بالدليلية والحجية.
والتحقيق : إن الاستصحاب - كما يناسب المشتقات منه - هو الابقاء العملي.
والموصوف بالحجية بناء على الأخبار هو اليقين السابق :
إما بعنوان إبقاء الكاشف إن كان المراد من الحجية الوساطة في الاثبات ، فان إبقاء الكاشف التام المتعلق بالواقع إيصال للواقع - بقاء عنوانا - بايصال الحكم المماثل لبا.
وإما بعنوان إبقاء المنجز السابق إن كان المراد من الحجية تنجيز الواقع ، فاليقين السابق يكون منجزا للحكم حدوثا عقلا ، وبقاء جعلا.
وبناء على بناء العقلاء ، فالموصوف بالحجية أحد أمور ثلاثة :
إما اليقين السابق لوثاقته ، واقتضائه عدم رفع اليد عنه إلا بيقين مثله ، فهو الباعث للعقلاء على إبقائهم عملا.
وإما الظن اللاحق بالبقاء.
وإما مجرد الكون السابق ؛ إهتماما بالمقتضيات وتحفظا على الأغراض الواقعية.
فالوجود السابق لهذه الخصوصية حجة على الوجود الظاهري في اللاحق ، لا من حيث وثاقة اليقين ، ولا من حيث رعاية الظن بالبقاء ، وإليه يرجع التعبد العقلائي - كما سيأتي إن شاء الله تعالى (٢) .
وبناء على حكم العقل ، فالموصوف بالحجية هو الظن بالبقاء ، ويندفع محذور الجامع ، ومحذور التوصيف بالحجية.
أما الأول - فبأن المراد هو الابقاء العملي ، والنزاع في أن المستند للإبقاء العملي ، هل هو أمر مأخوذ من الشارع ؟ أو من العقلاء ؟ أو من العقل ؟ لا أن نفس الاستصحاب مأخوذ من أحدهم لأن لا يكون له جامع.
__________________
(١) المراد من الأولين بقاؤه عملا شرعا ، أو من باب بناء العقلاء ، ومن الاخير بقاؤه ظنا من باب العقل.
(٢) بأتي في التعليقة : ٥.