العامين بالخاص المقابل له ، فان الكشف النوعي بنحو العموم من وجه مع العام الآخر محفوظ ، وعدم إمكان تقديم العام الآخر - للزوم إلغاء العام رأسا - لا دخل له بانقلاب النسبة ونحوه.
إذا عرفت هذه المقدمة ، فاعلم إن الصورة الأولى ينبغي ملاحظة الخاصين مع العام في مرتبة واحدة ، فيخصص بهما العام ما لم يلزم منه محذور عدم بقاء المورد ، أو ما هو كالعدم من حيث القلة ، وإلا كان العام مع مجموع الخاصين من قبيل المتباينين ، فيعامل معها معاملتهما على التفصيل المذكور في المتن.
وأما الصورة الثانية ففيها مسلكان :
أحدهما : ما عن الشيخ الأعظم (قدس سره) (١) من انقلاب النسبة أحيانا ، كما إذا ورد : إكرم العلماء ، ولا تكرم فساقهم ، ويستحب إكرام العدول ، فانه يخصص الأول بالثاني ، فيكون نسبة الأول - بعد التخصيص بالثاني - إلى الثالث نسبة الأخص إلى الأعم ، فيخصص الثالث بالأول.
وقد مر عدم الموجب ، لملاحظة الخاص اوّلا ، وعدم انقلاب النسبة ، كما بنى (قدس سره) عليه في الصورة الأولى.
ثانيهما : ما سلكه شيخنا الاستاذ (قدس سره) في الكتاب من لزوم ملاحظة الخاص أوّلا ، وعدم انقلاب النسبة ، فيعامل مع الأول والثالث معاملة العامين من وجه - بعد التخصيص بالثاني أيضا - واستثني منه ما إذا لم يبق بعد التخصيص إلا مادة الاجتماع ؛ فانه لا يجوز تقديم العام الآخر عليه ، لأنه لا يجوز تخصيصه به أيضا ، بل يقدم على العام الآخر ، لا من أجل القول بانقلاب النسبة ، بل لأنه - بعد تخصيصه بالخاص - كالنص فيما بقي تحته ، فيقدم على الآخر الظاهر فيه بعمومه.
وفيه أولا : ما مر ، من عدم الموجب للتخصيص ، ما لم يتعين في قباله عموم ، فان العموم ، وإن كان محفوظا مع الجمع الدلالي بينه وبين العام الآخر ، وأما إذا قدم عليه للترجيح السندي ، فلا محالة يسقط العام في مورد الاجتماع ، فلا سند إلا لمادة الافتراق ، فالعموم بما هو عموم لا سند له.
وثانيا : إن تقديم العام الآخر - على العام المخصص - ليس بملاك التخصيص ، ليقال : بأنه لا يجوز التخصيص إلى حدّ لا يجوز تخصيصه ، بل بملاك الترجيح السندي بين
__________________
(١) الرسائل : ٤٦١.