[ التنبيه الخامس ]
(٨٠) قوله قدس سره : لا ينبغي الاشكال فيما إذا كان مشروطا معلقا... الخ (١)
توضيح المقام : إن الشك في بقاء الحكم الشرعي :
تارة - يكون في بقاء الحكم الكلى المرتب على موضوع كلي ، بنحو القضية الحقيقية ، وهذا كما في الشك في نسخ الحكم وارتفاعه عن موضوعه الكلي ، بعد ثبوته له ، سواء كان الحكم المرتب مطلقا أو مشروطا معلقا.
وأخرى - يكون في بقاء الحكم الفعلي ، وارتفاعه عن موضوعه ؛ لتبدل حالة منه إلى حالة أخرى ، وهذا هو محل الكلام في غير مقام الشك في النسخ.
فنقول : إن كان الوجوب الشرطي التعليقي - أو الحرمة كذلك - مرتبا على الموضوع المتقيد بما يسمى شرطا ، كما إذا قلنا بأن مرجع قوله : ( يحرم العصير العنبي إذا غلا ) إلى حرمة العصير المغلي ، وأن تعليقها باعتبار ترتبها على موضوع مقدر الوجود ، وإن فعليتها بفعلية موضوعها ، فحينئذ لا مجال لاستصحاب الحرمة المعلقة ، حيث لا شك في عدم ارتفاع الحرمة الكلية عن موضوعها ؛ إذ ليس الكلام في نسخها بل الكلام في ارتفاع الحرمة الفعلية بفعلية موضوعها.
ومن الواضح أنه - قبل تبدل العنبية إلى الزبيبية - لم يكن الموضوع وهو العصير المغلي فعليا ، لتكون له حرمة فعلية ، فيستصحب ، وبعد التبدل وحصول الغليان يشك في حرمته فعلا ، فان المفروض أن هذه الحالة حالة الشك.
فما كان له حرمة كلية إنشائية لا شك في بقائها له ، للقطع فعلا - أيضا - بأن العصير العنبي المغلي حرام ، وما كان له حرمة فعلية تطبيقا لم يكن لموضوعها تحقق وفعلية في حالة العنبية ، حتى يستصحب بعد التبدل الى الزبيبية ؛ اذ الموضوع هو العصير المغلي في حالة العنبية ، وكونه بحيث إذا غلا - في حالة العنبية - تثبت له الحرمة الفعلية أمر عقلي ، كما هو شأن كل موضوع مركب.
فان العقل يحكم عند وجود جزء منه بأنه إذا تحقق الجزء الآخر يكون الحكم فعليا ، وليس هذا الأمر العقلي قابلا للاستصحاب.
نعم إذا غلا العصير العنبي ، وشك في بقاء حرمته بذهاب ثلثيه بغير النار كان موردا
__________________
(١) الكفاية ٣٢٠ : ٢.