وأجاب (قده) - في الكتاب - كما عن غير واحد من الأجلة (١) تبعا لبعض الأساطين ( قدست اسرارهم ) بما محصله :
إن اليقين لم يلاحظ بنحو الموضوعية وبالاستقلال ، بل بنحو الطريقية والمرآتية ، والآلية ؛ لسراية الآلية ، والمرآتية من اليقين الخارجي إلى المفهوم الكلي الفاني فيه.
فلا محالة إذا رتب عليه - بما هو طريق ومرآة - حكم ، فقد رتب على ذي الطريق ، والمرئي بالذات ، فلا حاجة إلى التصرف في اليقين بارادة المتيقن منه بنحو من أنحاء التجوز.
أقول : تحقيق المقام يقتضي التكلم في اليقين مفهوما ومصداقا ، فنقول : مفهوم اليقين كسائر المفاهيم : تارة - يلاحظ بما هو مفهوم من المفاهيم ، فيرتب عليه ما يناسبه في مرحلة المفهومية. وأخرى - يلاحظ فانيا في مطابقه - وهو اليقين بالحمل الشايع - فيرتب عليه ما يناسبه ، من كونه كيفية نفسانية وأشباهها.
ففي مرحلة الحكم عليه : تارة ملحوظ بالاستقلال ، كما في الأول وأخرى ملحوظ بالتبع ، وبنحو المرآتية لمطابقه ، كما في الثاني. وليس مفهوم اليقين من وجوه متعلق صفة اليقين - كعنوان المتيقن - حتى يمكن لحاظه فانيا في متعلقه. بخلاف مفهوم المتيقن ، فانه : تارة يلاحظ بما هو مفهوم عنواني ، وأخرى بما هو فان في معنونه.
وأما المصدر المبني للفاعل ، أو المبني للمفعول ، فلا دخل له بصدق المصدر على ما يصدق عليه عنوان الفاعل منه ، والمفعول منه ، بل المراد الضرب بمعنى الضاربية ، أو المضروبية ، وإطلاق اليقين وإرادة المتيقنية لا إرادة المتيقن.
وأما اتحاد المبدأ والمشتق ، وصدق أحدهما على ما يصدق عليه الآخر ، فمورده ما إذا كان العنوان الاشتقاقي منتزعا من مرتبة ذات شيء ، فانه لا يعقل إلا إذا كان المبدأ في مرتبة الذات ، فلا محالة يصدق المبدأ على ما يصدق عليه المشتق ، كصدق مفهوم الوجود والموجود على حقيقة الوجود ، وكصدق مفهوم البياض والأبيض على حقيقة البياض ، وكصدق العلم والمعلوم على جميع الموجودات الامكانية ؛ لحضورها بارتباطه الوجودي الذاتي للمبدأ ، فهي معلومات له تعالى بالعلم الفعلي الوجودي ، دون الذاتي. وهي أيضا من مراتب علمه الفعلي لحضورها بنفس ذواتها وهوياتها له تعالى - إلى غير ذلك من الموارد.
__________________
(١) منهم المحقق الحائري « قده » في درره « ج ١٦٢ : ٢ » قال : هذا « اي القول بالطريقية » مما افاده سيدنا الاستاد « طاب ثراه » - أي المحقق الفشاركي الاصفهاني - نقلا عن سيد مشايخنا الميرزا الشيرازي « قده » .