واستصحاب عدم نبوة من يدعي النبوة أو استصحاب نبوة النبي السابق - الملازم عادة لعدم مجيء نبي صاحب شريعة - بالنسبة إلى هذا الأثر غير جار قبل الفحص فتدبر جيدا.
(١٠٩) قوله قدس سره : إلا إذا علم بلزوم البناء... الخ (١)
أي ما دام هو في طريق الفحص ، كما هو مقتضى سياق الكلام.
إلا أن هذا الحكم الظاهري ، كسائر الأحكام قابلة للنسخ ، فهو بنفسه أيضا مشكوك البقاء ، ولا فرق في ورود الاشكال بين إنشاء النبي السابق لهذا الحكم أو اخباره عنه ، بتوهم وجوب تصديقه ، بل القطع بصدقه ، وذلك لأن القطع بصدقه من حيث ثبوت الحكم في شريعته ، وهو غير مناف لنسخ هذا الحكم المخبر عنه المقطوع بصدقه فيه ، فلا مجال إلا للاحتياط ما دام في صراط الفحص. فتدبر.
[ التنبيه الثالث عشر ]
(١١٠) قوله قدس سره : والتحقيق أن يقال : إن مفاد العام تارة... الخ (٢)
توضيح المقام إن مدار التمسك بالعام ليس على ملاحظة قطعات الزمان قيدا مقوما لموضوع الحكم ، بحيث يكون إكرام زيد في كل يوم إكرامات متعددة بعدد الأيام ، بل إذا لو حظ الزمان متقطعا ، وجعل كل قطعة ظرفا مستقلا لثبوت الحكم ، لكان ذلك كالمقوّم ؛ لأن تعدد الظرف يستلزم تعدد المظروف ، وتعدد الحكم يستلزم تعدد الموضوع ، فالعبرة بتقطيع الزمان الموجب لتعدد الموضوع تارة بلا واسطة ، وأخرى معها.
كما أن مدار الاشكال - على الاستدلال بالعام - ليس وحدة الحكم - حقيقة ولبّا - وحدة شخصية ، إذ الواحد الشخصي يستحيل تعدد إطاعته وعصيانه ، ومن الواضح أن مثل ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ - مع ملاحظة الزمان بوحدته ظرفا لاستمراره - ليس الأمر بوفائه واحدا شخصيا ؛ بداهة أنه لو وفى بعقد خاص في زمان ، ولم يف به في زمان آخر كان مطيعا تارة وعاصيا أخرى ، ولو كان الحكم واحدا شخصيا ، لما كان له إطاعة بالوفاء في زمان ، بل باستمرار الوفاء في الزمان المستمر.
فالمراد بالوحدة هي الوحدة الطبيعية - في مقام الجعل والاثبات - وإن تعدد في الواقع ، بمعنى أن المتكلم كما يقصد تارة الانشاء بداعي البعث شخصا إلى فعل واحد ، كذلك يقصد أخرى الانشاء بداعي البعث طبيعيا وسنخا ، فيتحقق منه طبيعي البعث
__________________
(١) الكفاية ٣٤١ : ٢.
(٢) الكفاية ٣٤١ : ٢.