والممكن بل الواجب - ليست بمحال كما مر في بعض المباحث السابقة (١) .
(٤٤) قوله قدس سره : وأما النحو الثاني ، فهو كالجزئية والشرطية... الخ (٢)
توضيحه أن الجزئية والشرطية لهما مراتب :
إحداها - كون الشيء بحيث يكون بعض ما يفي بالغرض ، فانه إذا ترتب غرض واحد على مجموع أمور ، فكل منها في حد ذاته بعض ما يفي بالغرض ، والمجموع كل ما يفي به.
وإذا كان فعلية ترتب الغرض على ما يفي به منوطة بشيء ، فذلك الشيء شرط وفاء ذلك المجموع بالغرض - فعلا - لا اقتضاء.
وهذه الشرطية - كتلك الجزئية - واقعية لا بجعل جاعل ، وتأثير مؤثر ، لا تكوينا ولا تشريعا ، بل المجموع مستعد باستعداد ما هوي للوفاء بالغرض ، بحيث يكون فعليته منوطة بما يسمى شرطا ، فالجزئية والشرطية ماهوية ، فهما غير قابلتين للجعل ، حيث لا يتعلق الجعل بالذات والذاتيات ولوازمها وما تنوط به.
والجعل التكويني العرضي إنما يكون عند ايجاد الصلاة في الخارج ، فانه مقام وجود المجموع بأثره ، فتكون البعضية والكلية والدخالة فعلية بالعرض.
ثانيتها - كون الشيء بعض الملحوظ ، فيما إذا تعلق لحاظ واعتبار واحد بمجموع أمور فان كل واحد من تلك الأمور بعض الملحوظ ، وكلها كل الملحوظ ، وقيدها - المتقيد به المجموع - شرط المحلوظ ، وهذا اللحاظ جعلها التكويني الذهني ، لا دخل له بالجعل التشريعي.
ثالثتها - كون الشيء بعض المطلوب بما هو مطلوب ، وهو فيما إذا تعلق طلب واحد بمجموع أمور فان كل واحد من تلك الأمور بعض ما تعلق به الطلب ، وتمامها كل ما تعلق به الطلب ، وما لوحظ المجموع مقترنا به قيد المطلوب بما هو مطلوب.
وهذه الجزئية والشرطية هي المجعولة انتزاعا بجعل الطلب ، ولا موقع لها بين الصفتين إلا مرحلة تعلق الطلب ، لأن الجزئية - في مقام الوفاء بالغرض في حد ذاته - ماهوية لا جعلية ، والجزئية - في مقام اللحاظ - تكوينية بالتكوين الذهني ، لا تشريعية ، وما هو تشريعي - بتشريعية البعث والايجاب - هي الجزئية للواجب بما هو واجب.
ولكن لا يخفى عليك أن الايجاب ليس منشأ انتزاع الجزئية والشرطية لما سيأتي إن
__________________
(١) تقدم في التعليقة : ٢٢.
(٢) الكفاية ٣٠٤ : ٢.