النقل ، للملازمة الغالبية بين التورع في جهة النقل ، وتورعه في سائر الجهات ، بخلاف الأصدقية المحضة ، فانه ربما تأبى نفسه عن الكذب ، وإن كان لا يبالي بسائر المحرمات ، كما هو المشاهد في كثير من الفساق ، بل الكفار ، فاعتبار الأورعية بلحاظ هذه الجهة ، لا بلحاظ الجهات الأجنبية عن مرحلة النقل ، كي يكون مرجحا تعبديا.

وأما إعتبار الأفقهية ، فلأن الغالب حيث يكون النقل بالمعنى ، فلكثرة الفقاهة وقوة النباهة دخل في بيان ما صدر من المعصوم عليه السّلام ، لا لمجرد اطلاعه على ما هو أجنبي عن مرحلة النقل والرواية ، كي يكون مرجحا تعبديا ، ولعله (قده) أشار إليه بقوله (ره) :

فافهم.

[٣٨] قوله قدس سره : وأما الثاني فلتوقفه على عدم كون... الخ (١)

الباعث للشيخ الأعظم (قده) على جعل نفي الريب إضافيا - ليتعدى منه إلى كل ما كان كذلك - هو تخيل أن نفي الريب من جميع جهات الصدور والدلالة والجهة ، فان مثله لا ريب فيه - بقول مطلق - ولا يمكن إرادته من الخبر ، وإلاّ لا يعقل فرض الشهرة في الطرفين ، مع أنه مفروض في المقبولة والمرفوعة (٢) .

لكنه إذا أريد من نفي الريب - بقول مطلق - نفيه من حيث الصدور فانه المترقب من الشهرة في الرواية ، ونفي الريب من جميع الجهات مخصوص بالمشهور رواية وفتوى وعملا ، وهو غير مفروض في المقبولة والمرفوعة ، ولا في غيرهما ، فبعد حصر نفي الريب - بقول مطلق - في دائرة الصدور ، لا مانع من فرض الشهرة في الطرفين ، كما أنه لا يوجب التعدي إلى ما لا ريب فيه صدورا بالاضافة إلى غيره ، نعم يتعدى منه إلى كل ما لا ريب فيه - بقول مطلق - من حيث الصدور.

[٣٩] قوله قدس سره : وأما الثالث فلاحتمال أن يكون الرشد... الخ (٣)

توضيحه : إن كون الرشد في خلافهم يحتمل أمرين :

أحدهما : إن مخالفتهم مطلوبة ، لأن الرشد في مخالفتهم ، كما ورد في اليهود ( خالفوهم ما استطعتم ) (٤) ونفس هذا العنوان مرغوب فيه ، فلا دخل له بأقربية ما خالفهم إلى الواقع

__________________

(١) الكفاية ٣٩٨ : ٢.

(٢) راجع الرسائل : ٤٥٠ ذيل المقام الثالث.

(٣) الكفاية ٣٩٨ : ٢.

(٤) ما عثرنا عليه عاجلا ( ان اليهود والنصارى لا يصبغون ، فخالفوهم ) صحيح مسلم ١٦٦٣ : ٣ : كتاب اللباس والزينة.

۴۳۰۱