ولا يجري فيه ما ذكرناه سابقا (١) من أن العبرة باتصال زمان المشكوك بما هو مشكوك ، لا بذاته ؛ لأن المشكوكية في كل من الساعتين كانت هناك وجدانية ، وبرهانية ، دون ما نحن فيه ؛ لأن عدم اليقين التفصيلي - في كل من الساعتين - وجداني ، فزمان المتيقن - بما هو متيقن - غير متصل بزمان المشكوك بما هو مشكوك.
والتحقيق : إن ثبوت الشيء واقعا ليس ملاكا للحكم الاستصحابي ، ولا ارتفاعه واقعا ملاكا لعدمه ، بل ثبوت العنواني - المقوّم لليقين - ملاك جريانه ، وثبوت خلافه العنواني المقوم لليقين بخلافه - ملاك عدم جريانه ، وانتقاض اليقين باليقين.
والمفروض اليقين بالطهارة سابقا ، والشك في بقائها فعلا ، لا في حدوثها ، وكذلك بالاضافة إلى الحدث. ومع اليقين بالطهارة والشك في بقائها وعدم تخلل الناقض لليقين ، لا معنى لدعوى عدم كون الجري العملي على وفقها إبقاء.
ولزوم كون الطهارة موجودة تحقيقا في زمان معين ، وموجودة تعبدا في زمان معين آخر متصل بذلك الزمان - حتى يكون وجودها التعبدي بقاء لوجودها التحقيقي ، ويرتب الأثر عليها في الزمان الثاني إبقاء لها عملا - بلا ملزم بعد عدم تخلل اليقين الناقض.
[ التنبيه الثاني عشر ]
(١٠٧) قوله قدس سره : واما الامور الاعتقادية التي كان المهم... الخ (٢)
الكلام تارة - في استصحاب حكم الأمر الاعتقادي ، وأخرى - في استصحاب موضوع ذلك الأمر الاعتقادي.
أما الأول ، فلو فرض الشك فيه - بعد اليقين به سابقا - جرى فيه الاستصحاب - سواء كان الواجب من الأفعال القلبية والأعمال الجنانية ، وهو عقد القلب الذي فصلنا الكلام في حقيقته ومباينة سنخه مع سنخ اليقين في آخر مباحث الظن (٣) ، أو كان من الصفات النفسانية القابلة للتحصيل بمقدماتها - وهو العلم والمعرفة -. واليقين بالوجوب سابقا والشك فيه لا حقا - وإن كان مجرد الفرض - إلا أن سبق اليقين بعدم الوجوب أزلا ، أو في أوائل انعقاد الشريعة ، والشك بعده ، في غير الأصول الضرورية ، كبعض تفاصيل القبر والبرزخ والمعاد - ليس مجرد الفرض.
ولا فرق في الجري العملي على طبق اليقين ، أو المتيقن بين العمل الجسداني والعمل
__________________
(١) تقدم في التعليقة : ٩٩.
(٢) الكفاية ٣٣٨ : ٢.
(٣) تقدم في ج ٣ : التعليقة ١٦٤ ذيل قول الماتن قده « من الاعتقاد به وعقد القلب عليه وتحمله والانقياد له » .