ضعيفة السند. ودعوى جبر ضعفها بشهرة العمل على طبقها ؛ لأن المشهور على تقديم المشهور رواية على الأرجح من حيث الصفات ، كما هو مضمون المرفوعة ، مدفوعة بأن المقبولة - بعد إرجاع الترجيح بالصفات إلى الحكمين - موافقة لعمل المشهور ، فان أول المرجحات الخبرية فيها هي الشهرة أيضا ، فلعل استناد المشهور عملا إلى المقبولة ، دون المرفوعة ، كيف‌ ؟ وما في ديباجة الكافي من الترجيح بالشهرة ابتداء ، ليس إلا من أجل المقبولة التي رواها في الكافي (١) ، لا من أجل المرفوعة التي لا أثر لها في الكافي ، ولا في غيره من جوامع الأخبار.

ومما ذكرنا تبين أنه لا مخالفة بين المقبولة والمرفوعة في كون أول المرجحات الخبرية هي الشهرة.

واما عدم التعرض للترجيح بالصفات بعد ذكر الشهرة وغيرها - في المقبولة - كما تعرض له في المرفوعة ، فلأجل فرض التساوي في الصفات في الحكمين اللذين هما الراويان للمتعارضين ، لما مرّ من أن الحكومة والافتاء في صدر الأول ، كان بالرواية ، لا استنادا إلى الرواية.

وربما يتخيل أن المرفوعة - على فرض صحة سندها - لا تدل على الترجيح بالصفات ، فان المراد من الأعدل والأوثق هو العادل والموثوق ، لا من كانت هذه الصفة فيه أكثر وأشد ، نظير ﴿ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ (٢) فيرجع الأمر إلى وجوب الأخذ بخبر العادل ، لكونه حجة ، وطرح الآخر لكونه غير حجة.

ووجه صرف ( أفعل ) التفضيل عن ظاهره ، قوله بعد ذلك ( قلت : إنهما معا عدلان مرضيان موثقان ) فيفهم منه إن المفروض سابقا في صدر الخبر مما لم يؤخذ فيه العدالة والوثوق (٣) .

وأنت خبير بأن هذه عبارة متداولة في بيان عدم التفاضل ، ولذا عقّبه في المقبولة بقوله ( لا يفضل واحد منهما على الآخر ) .

مع أنه كيف يتحير زرارة - مع جلالة قدره - في الخبرين ، اللذين لم يفرض حجّيتهما الذاتية بقوله ( فبأيهما آخذ ) .

__________________

(١) الكافي ٥٤ : ١ : باب اختلاف الحديث من كتاب فضل العلم : حديث ١٠.

(٢) الأنفال : الآية ٧٥.

(٣) راجع درر الفوائد للمحقق الحائري : ٢٩٢ : ٢.

۴۳۰۱