الجناني ، ولا بين العمل المباشري والتوليدي ، فتسمية بعض الأعمال بالفروع ، وبعضها بالأصول لا توجب فرقا في القبول للتعبد الاستصحابي والجري العملي.
وأما الثاني ، فما هو قابل لدعوى اليقين به سابقا ، والشك في بقائه لاحقا هي الامامة والنبوة ليتعبد بآثارها.
فنقول : أما الامامة ، فان كانت بمعنى الرياسة المعنوية الكبرى في الدين والدنيا ، المنبعثة عن كمال نفسه المقدسة التي من شؤنها الروحانية وساطتها للفيض ، وكونها مجرى الفيض النازل من سماء عالم الربوبية. وعليه ينطبق كمال الانطباق قولهم عليهم السّلام : ( مجاري الأمور بيد العلماء بالله ) (١) دون الفقيه الذي هو - بما هو فقيه - عالم بأحكام الله لا بالله ، فحينئذ لا شك في زوالها (٢) لا بالموت ولا بمجيء إمام لاحق ، كما سيجيء في النبي صلى الله عليه وآله.
وإن كانت بمعنى الرياسة المجعولة تشريعا من الله تعالى في أمور الدنيا والدين ، فهي حينئذ من المناصب المجعولة ، وتزول بالموت ، إذ لا معنى لاعتبارها له عليه السلام بعد موته ، مع عدم امكان تصديه بعالم البشرية للتصرفات الدينية والدنيوية المتعلقة بنظم البلاد ، وتكميل العباد ، فاذا شك في موته فلا محالة يشك في إمامته فعلا.
وحينئذ إذا كان الواجب هو عقد القلب على إمامته ، فالأثر المترتب على التعبد بحياته وجوب عقد القلب على إمامته. وإذا كان الواجب معرفته بالامامة ، فظاهر المتن أنه لا يترتب عليه هذا الأثر ؛ لأن الشك في حياته مع اليقين بامامته فعلا متنافيان.
ويمكن أن يقال : إن التعبد بالأمور الاعتبارية الشرعية - التي منها المناصب المجعولة - محقق لها في ثاني الحال ، فمقتضى استصحاب الملكية أو ما تترتب عليه الملكية ايجاد اعتبار مماثل للاعتبار الواقعي فعلا ، لا ايجاب ترتيب آثار ذلك الاعتبار فقط ، ومع وجوده فعلا يكون وجوده فعلا ملزوما لليقين به فعلا ، ولا منافاة بين اليقين بوجود الاعتبار المماثل فعلا مع الشك في بقاء الاعتبار الواقعي ، للشك في حياته واقعا.
وأما إيجاب تحصيل معرفته بمقدماته التي منها تحصيل اليقين بحياته واقعا ، ليكون التعبد بحياته تعبدا بتحصيل معرفته بالامامة واقعا الممكنة بمقدماتها ، فغير معقول ، إذا كان ايجاب تحصيل معرفته مطلقا ، لأن تحصيل اليقين بحياته يوجب انتفاء التعبد
__________________
(١) المستدرك : الباب ١١ من ابواب صفات القاضي : الحديث ١٦.
(٢) لأن بقائها متيقن.