في ذيل عبارة شيخنا العلامة - رفع الله مقامه -.
(٤١) قوله قدس سره : أما النحو الأول ، فهو كالسببية والشرطية... الخ (١)
قد أفاد (قده) في وجه المنع عن جعل تلك الأمور انتزاعا ما محصله : إن مقتضي فرض مسببية التكليف ومشروطيته كونه متأخرا بالذات عن سببه وشرطه ، ومقتضي فرض منشأية التكليف لانتزاع السببية كونه متقدما بالذات لتبعية الأمر الانتزاعي لمنشئه ، ويستحيل تقدم المتأخر بالذات.
وقد أفاد (قده) في وجه المنع عن جعلها استقلالا ما ملخصه : إن الشيء إذا كان ذا ربط ، به يؤثر في شيء فهو علة ، قبل جعله علة ، فلا معنى لجعله علة ، وإن لم يكن فيه ذاك الربط لا يصلح للعلية ، فلا معنى لجعل ما ليس بعلة علة.
وأنت خبير بأنهما لا يصلحان للمنع.
أما الأول ، فلأن المتأخر بالذات ذات المعلول عن ذات العلة. وأما عنوان العلية وعنوان المعلولية فهما متضايفان ، ولا علية بين المتضايفين ، وعنوان العلية لا ينتزع عن المعلول ، ولا عن ترتبه على ذات العلة ، بل عنوان العلية ينتزع عن ذات العلة ، إذا بلغت بحيث يكون المعلول ضروري الوجود بها ، وعنوان المعلولية ينتزع عن ذات المعلول إذا كان بحيث يكون ضروري الوجود بالعلة ، ولا فرق بين ما إذا كان المعلول من الامور التكوينية المحضة أو من الأمور التشريعية.
فكما أن بلوغ العلة - إلى حيث يكون المعلول ضروري الوجود بها - يصح معه انتزاع العلية من ذات العلة ، والمعلولية من ذات المعلول.
فكذا إذا كان ذات العلة بحيث اذا بلغت بحد يكون ذلك الأمر المجعول ضروري الوجود بها ، فانه يصح انتزاع العلية والمعلولية من ذات المرتب عليه ، ومن ذات المرتب.
غاية الأمر أن العلية والمعلولية - في مرحلة الجعل التشريعي - اقتضائيتان ، وفي مرحلة تحقق السبب والمسبب - خارجا - فعليتان.
وقد عرفت أن التقدم والتأخر بملاك العلية والمعلولية بين ذاتي العلة والمعلول لا تنافي المعية بملاك التضايف بين عنواني العلية والمعلولية وسيتضح إن شاء الله تعالى ما ذكرنا زيادة على ذلك.
وأما الثاني وهو العمدة ، إذ لو ثبت ذلك لم يكن مجال للجعل ، لا إستقلالا ، ولا
__________________
(١) الكفاية ٢ : ص ٣٠٣.