حتى يكون اليقين بها معلقا على بقاء الحكم المجعول.
ولو لا ما ذكره (قدس سره) في الهامش الذي هو بمنزلة توضيح ما في المتن ، لأمكن إرجاع ما في آخر كلامه - رحمه الله - إلى ما لا ينافي صدره.
بتقريب : أن المراد من تعلق الحكم - بمن يوجد - تعلقه به من حيث أنه فرد مقدر الوجود فعلا ، لا من حيث أنه فرد محقق الوجود في ظرفه ، فتدبر جيّدا.
(٨٤) قوله قدس سره : والشريعة السابقة وان كانت منسوخة... الخ (١)
هذا جواب عن الشبهة الثانية ، وحاصله إن النسخ باعتبار مجموع الأحكام لا بلحاظ جميعها. وهذا لا يخلو عن إشكال ، بحيث لو تم لمنع عن استصحاب أحكام الشريعة السابقة.
ومحصله : إن حقيقة الحكم المجعول - وهو الانشاء بداعي جعل الداعي - إما أن يكون له مقام غير مقام الوحي أولا.
فان كان له مقام غير مقام الوحي ، بحيث يكون بحقيقته مجعولا ، ويكون الوحي به تبليغا لذلك الحكم المجعول بلسان جبرئيل عليه السلام على قلب النبي الموحى إليه ذلك الحكم ، فحينئذ إذا أحرز أصل ثبوته بسبب الوحي به إلى نبي من الأنبياء ، وشك في بقائه بنفسه صح لنا استصحابه.
وإن كان مقام ثبوته وجعله مقام الوحي به بلسان جبرئيل عليه السلام على قلب النبي الموحى إليه ، فذلك الانشاء القائم بجبرئيل عليه السلام الوارد على قلب ذلك النبي عين جعله منه تعالى ، من دون سبق الجعل ، فحينئذ - يكون الباقي - هو عين ذلك الموحى به إلى ذلك النبي ، فاذا بقي هذا الحكم في شريعة أخرى ، كان ذلك النبي اللاحق تابعا لذلك النبي السابق في ذلك الحكم الخاص.
وحيث أن نبينا ( صلى الله عليه وآله ) أفضل الأنبياء ، ولا يكون تابعا لنبي من الانبياء في حكم من الأحكام ، كيف ؟ ولو كان موسى عليه السلام حيّا لما وسعه إلا اتباعه صلى الله عليه وآله ، كما في الخبر (٢) ، فلا محالة يكون المجعول في شريعته صلى الله عليه وآله مماثلا لما في شريعة موسى عليه السلام ، فأمته صلّى الله عليه واله مأمورون بذلك
__________________
(١) الكفاية ٣٢٤ : ٢.
(٢) كما في الاحتجاج : ج ١ : ص ٥٥ : احتجاجات النبي صلّى الله عليه وآله : يا يهودي إن موسى لو ادركني ثم لم يؤمن بي وبنبوتى ما نفعه ايمانه شيئا ولا نفعته النبوة ، الحديث. وكذا يستفاد مما ورد بنحو العموم في اثبات الهداة :
ج ١ : في النصوص على نبينا صلّى الله عليه وآله : الفصل ١٤ : الحديث ٩٠.