العقد الملحوظ فردا واحدا - في قبال الوفاء بسائر العقود - مشمول للوجوب في الجملة ، ومقتضى إطلاقه أن هذا الحكم ثابت لهذا الفرد - كسائر الأفراد - في هذا الزمان المستمر من دون تخصصه بوجود خصوصية محددة له ، ولا بعدمها.

فان أريد التمسك بحيثية عمومه ، فالأمر كما مرّ ، حيث أن الواحد لا يعقل أن يكون خارجا وداخلا ، بل خروج الواحد إذا ثبت ، فبالملازمة العقلية يقال بخروجه بقول مطلق ، ولا يعقل الشك في شمول هذا الحكم المجعول له أصلا.

وإن أريد التمسك بحيثية إطلاقه ، فلابد من بيان الفارق بين هذا المطلق ومقيده ، وسائر المطلقات ومقيداتها ، مع أنه لا فارق أصلا ، إذ ليست وحدة الزمان - المجعول ظرفا لثبوت طبيعي الحكم لطبيعي الوفاء مثلا - وحدة شخصية ، كي يتوهم أن الواحد الشخصي غير قابل للتقييد.

فان طبيعي الحكم المنحل إلى أحكام متعددة يستحيل أن يكون ظرفه شخصيا ، بل واحد طبيعي ، فيكون طبيعي الحكم المتعلق بطبيعي الموضوع في طبيعي زمان وحداني بوحدة طبيعية كمظروفه ومتعلقه ، والواحد الطبيعي قابل للتقييد الذي يجعله حصة ، والحصة وحدتها الطبيعية واستمرارها محفوظة ، فيكون المطلق والمقيد بمنزلة دال واحد من الأول على ظرفية حصة طبيعية للحكم الطبيعي ، الثابت لموضوع كذلك.

وربما يتخيل الفرق بين هذا المطلق وسائر المطلقات.

بتقريب : إن سائر المطلقات لها جهات عرضية من كون الرقبة مثلا مؤمنة أو كافرة ، ومن حيث كونها عالمة أو جاهلة ، وهكذا. فملاحظة تلك الجهات ، واطلاق الحكم بلحاظها غير مناف لشيء.

بخلاف ما نحن فيه ، فان الزمان الواحد المستمر ليس بنفسه ذا أفراد متكثرة إلا بالتقطيع ، وملاحظته بنحو القتطيع والاطلاق من جهة قطعاته خلف فان المفروض عدم النظر إليه بنحو التقطيع ، فلا معنى لاطلاقه من تلك الجهات حتى يخرج جهة منه. ويبقى إطلاقه من سائر الجهات محفوظا ، فمعنى إطلاقه ليس إلا جعل الزمان الوحداني المستمر - دون زمان خاص - ظرفا للحكم ، وبمجيء المقيد ، ولو في الجملة يختل هذا الاطلاق. (١)

ويندفع : بأن الاطلاق ليس جمعا بين القيود ، حتى يكون مرجعه إلى جعل الحكم في كل قطعة قطعة ، ليكون خلفا ، بل إلى ملاحظة خصوصيات هذا الطبيعي الوحداني ،

__________________

(١) راجع درر الاصول ج ٢٠٤ : ٢.

۴۳۰۱