أحل الله أو دفع فريضة في كتاب الله ، رسمها بيّن قائم بلا ناسخ نسخ ذلك ، فذلك ما لا يسع الأخذ به ) (١) الخبر.
ومورد بعضها الآخر كالمقبولة بحيث لو كان وحده لأخذ به ، وإنما المانع وجود المعارض ، فان الأمر بأخذ الخبر الموافق ، وترك المخالف وقع بعد فرض كونهما مشهورين ، قد رواهما الثقات. وقد فرض موافقتهما معا للكتاب في مورد الترجيح بمخالفة العامة ، ولا يكون إلا الموافقة لظاهر الكتاب ، وإلا لكان اللازم وجود نصين متباينين في نفس الكتاب ، فتدبر.
وأما مخالفة العامة ، فمجمل القول فيها :
إن أخبارها المطلقة الآمرة بالأخذ بما خالف العامة ، وترك ما وافقها ، كلها منقولة عن رسالة القطب الراوندي (٢) ، وقال الفاضل النراقي (قده) : إنها غير ثابتة من القطب ثبوتا شائعا فلا حجية فيما نقل عنها (٣) .
نعم هناك روايتان أخريان : إحداهما المقبولة المروية في الكافي (٤) ثانيتهما رواية سماعة المروية في الاحتجاج (٥) ، ولضعف الثانية لإرسالها وانحصار الدليل في الأولى ، حكي عن المحقق (قده) (٦) - في رد الترجيح بها - بأنه لا يثبت مسألة علمية برواية رويت عن الصادق عليه السّلام.
فالإيراد على المحقق (قده) بأن أخبارها بالغة حد الاستفاضة ، بل التواتر غفلة عن حقيقة الأمر.
نعم : الظاهر من بعض الأخبار : إن الأخذ بما يخالف العامة كان أمرا مسلما بين الشيعة - في مقام الشبهة - وإن لم يكن خبر ، ولا تعارض ، كما في رواية الأرجاني ، حيث قال : ( قال أبو عبد الله عليه السلام : أتدري لم أمرتم بالاخذ بخلاف ما تقول العامة ؟ فقلت لا أدري ، فقال عليه السلام : إن عليّا - عليه السّلام - لم يكن يدين الله بدين إلاّ خالف عليه الأمة إلى غيره ، إرادة لأبطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السّلام
__________________
(١) العيون ٤٥ : ١٩ : ٢.
(٢) الوسائل ٨٥ : ١٨.
(٣) راجع مناهج الأحكام والأصول : تعارض الأدلة : المقدمة الثالثة من مقدمات المرجحات بعد بيان الأخبار.
(٤) الكافي ٥٤ : ١ : باب اختلاف الحديث ، من كتاب فضل العلم : حديث ١٠.
(٥) الأحتجاج ٣٥٧ : ٢ ( احتجاجات الأمام الصادق ( ع ) .
(٦) معارج الأصول : ١٥٦ ( الفصل الخامس ) .