الردع ، وقد مرّ منا الكلام فيه في مبحث حجية الخبر الواحد (١) وفي باب الاستصحاب (٢) فراجع.
[٤٧] قوله قدس سره : وفيه ان عدم البيان الذي هو جزء... الخ (٣) .
توضيح المقام : إنا قد بينا في مبحث المطلق والمقيد (٤) : إن المراد من مقام البيان ، تارة مقام بيان مرامه بشخص كلامه ، وأخرى الأعم من البيان حال القاء الكلام والبيان إلى حال انفاذ المرام.
فان أريد الأول ، فالبيان الذي هو جزء المقتضي هو عدم البيان في شخص المقام ، وفي حال القاء الكلام ، وبيان القيد بعده ليس عدمه جزء المقتضي ، بل ينعقد الظهور الاطلاقي بمجرد عدم بيان القيد حال إلقاء الكلام ، وتقديم المقيد على المطلق - حينئذ - من باب تقديم أقوى الحجتين على أضعفهما ، إلا أن البيان بهذا المعنى أمر اتفاقي ، والالتزام به في جميع المطلقات بلا ملزم.
وإن أريد الثاني - أي البيان بالمعنى الأعم - فان كان المقيد واردا قبل الحاجة ، فلا ينعقد معه ظهور إطلاقي ، فعدمه إلى وقت الحاجة مقوّم للمقتضي ؛ فلا ظهور للمطلق إلا الظهور الذاتي الوصفي في نفس الطبيعة المهملة ، وظهوره الفعلي في الاطلاق مراعي بعدم بيان القيد قبل وقت الحاجة.
وإن كان المقيد واردا بعد وقت الحاجة ، فلا محالة ينعقد الظهور لذات المطلق في الاطلاق ، لتمامية مقدماته الموجبة لانعقاد ظهور المطلق في الاطلاق ، فيكون للمقيد الوارد بعد وقت الحاجة ظهور آخر معارضا للمطلق ، فلابد من ملاحظة اقوى الظهورين.
فان قلت : المقيد الوارد بعد وقت العمل ، وان لم يصلح للمانعية عن انعقاد الظهور ، إلا أنه يصلح للكشف عن اقتران ذات المطلق بما يمنع عن انعقاد الظهور له في الاطلاق.
قلت : وجوده الواقعي لا يصلح للمانعية عن انعقاد الظهور ، بل المانع وجوده الواصل ، والمفروض أنه غير واصل قبل وقت العمل ، فلا يوجب ورود المقيد بعد وقت العمل ، إلا احتمال عدم إرادة الاطلاق ، ومثله لا يمنع عن انعقاد الظهور.
__________________
(١) نهاية الدراية ٣ : التعليقة ١١٦.
(٢) نهاية الدراية ٥ : التعليقة ١١.
(٣) الكفاية ٤٠٤ : ٢.
(٤) نهاية الدراية ٢ : التعليقة ٢٢٥.