لا بلحاظ حيثية اقتضائه أو ترتب المقتضى عليه.
فمثل العقد ، وإن كان مقتضيا للملك - مثلا - إلا أن نقضه باعتبار حله البديل لارتباطه ، ومثل اليقين ، وإن فرض اقتضاؤه لشيء إلا أن نقضه باعتبار ارتباطه الذاتي بمتعلقه أو بلحاظ ثباته ووثاقته.
ومثل نقض الصلاة بالضحك ونحوه ، لا باعتبار اقتضائها لمصلحتها ، بل بلحاظ ما فرضه الشارع من هيئة اتصالية استمرارية بين أجزائها.
وأما مثل نقض الوضوء ، فكناية عن نقض الطهارة المستمرة - التي لا يرفعها أيّ شيء ، بل امور خاصة - لا بلحاظ عدم ترتب أثره عليه ؛ لأن الوضوء أفعال غير قارة ، غير موجودة فعلا حتى ينحل بنفسه أو ينحل مقتضاه عنه ، فان المعدوم لا ينحل ، ولا ينحل منه شيء.
نعم لا مضايقة عن صدق النقض - فيما إذا كانت العلة التامة لشيء موجودة ، فتبدل عدم مانعه بالوجود ، فانه بمنزلة انحلال العلة - بما هي علة مرتبط بها المعلول فعلا ، ولذا لا نقول بصدق النقض المساوق للانحلال فيما إذا كان المانع موجودا من الاول.
وأما التقريب الثاني من قاعدة ( المقتضى والمانع ) ففيه :
إن ظاهر هذه الصحيحة كغيرها - من فرض اليقين والشك وصدق النقض ، ليكون صغرى للكبرى العقلائية الارتكازية - فلابد من انحفاظ الصغرى ، مع قطع النظر عن الكبرى ، ولا يعقل كون الكبرى مقوّمة ومحققة لصغراها ، فعدم نقض اليقين بالشك مما بنى عليه العقلاء ، لا أن العلم بالوضوء يقين بالطهارة بملاحظة بناء العقلاء.
وبالجملة : ليس هناك قاعدة أخرى مفروغ عنها ، غير هذه الكلية المذكورة في الرواية حتى يكون معنى ( لا ينبغي نقض اليقين بالشك ) (١) هو : أنه لا ينبغي العدول عن طريقة العقلاء.
وأما حديث لزوم اجتماع الناقض والمنقوض ، فقد مرّ ما فيه. فراجع. (٢)
وأما تنزيل الأخبار على الاستصحاب في خصوص الشك في الرافع :
فالتقريب الأول ، وإن امتاز عن الثاني بالدقة والمتانة ؛ إذ يرد على التقريب الثاني أنه غير صحيح ثبوتا واثباتا.
__________________
(١) الصحيحة الثانية لزرارة : الوسائل ج ٢ : الباب ٤١ من ابواب النجاسات : ص ١٠٦١ : الحديث ١
(٢) تقدم في التعليقة : ١٩.