تصح الكناية.

وتندفع بأن إيراد المعنى الكنائي إن كان للانتقال إلى أحد الامور الثلاثة بخصوصياتها وتعيّناتها ، فالايراد وارد ؛ إذ لا ملازمة ، إلا بين المعنى الكنائي ، والاول والثاني ، دون الثالث.

وإن لم يكن إيراد المعنى الكنائي - الذي لم يؤخذ فيه عنوان الحدوث والبقاء - إلاّ للانتقال إلى ما يلازمه بذاته ، لابتعينات اليقين والشك ، فلا محالة يكون اللازم هي الجهة الجامعة ، القابلة لأحد التعينات المذكورة في المكنى عنه ، فان بقاء اليقين بشيء يقتضي الجري على وفقه ، وعدمه يقتضي عدمه ، فيكون كناية عن ترتيب آثار المتيقن ، من دون تعينه بالحدوث والبقاء ، إما بالخصوص أو مطلقا على حد عدم تعين الملزوم بشيء.

وحيث أن المراد الجدي لا يعقل إلا متعينا - بنحو من أنحاء التعين - فلا محالة يقيد الجهة الجامعة بالنهي عن نقض اليقين ، وتعينها بدالّ آخر ، كالقرائن الكلامية النافية لقاعدة اليقين ، وكاطلاق متعلق اليقين والشك - من حيث كونه من شأنه البقاء - النافي لارادة الاستصحاب في خصوص الشك في الرافع.

ومما ذكرنا أخيرا يظهر أن ما هو لازم المعنى الكنائي متساوي النسبة إلى ما فيه مقتضي البقاء ، وما ليس فيه ، وما يتفاوت فيه الأمر ليس بما هو لازما للمعنى الكنائي ، حتى يقال : (١) ( إن بعض اللوازم أنسب من بعض وأقرب ) ليجاب (٢) ( بأن الأقربية إعتبارية ؛ لابتنائها على اعتبار تعلق اليقين بالبقاء ) .

نعم ما ذكر من الأقربية إنما تتحقق إذا أريد من اليقين المتيقن ، - وحينئذ - يصح أن يقال : إن المتيقن تارة من شأنه البقاء ، فكأنه له إبرام. وأخرى ليس من شأنه البقاء ، فلا إبرام له حقيقة ولا اعتبارا ، فنقض المتيقن يناسب الأول ، دون الثاني. وحينئذ يصح أن يجاب عنه : بأن أقربية ما من شأنه البقاء إعتبارية ، لا عرفية ، فتدبر جيّدا.

(٢٢) قوله قدس سره : وأما الهيئة ، فلا محالة تكون المراد منها... الخ (٣)

بيانه أن اليقين بالحدوث في الاستصحاب باق ، فطلب إبقائه - بعنوان النهي عن نقضه حقيقة - طلب الحاصل ، وطلب ايجاد اليقين بالبقاء ليس طلبا لابقاء اليقين ،

__________________

(١) القائل هو الشيخ « قده » فى الرسائل : ٣٣٦.

(٢) هو المحقق الخراساني « قده » في الكفاية : ٢٨٦ : ٢.

(٣) الكفاية ٢٨٦ : ٢.

۴۳۰۱