فمجرد عدم القدرة على ترتيب الاثر لا يكون دليلا على زوال المدركات ، والاّ فمن المستحيل بحسب الحكمة الالهية والعناية الربانية ان تزول العلوم والمعارف - الحاصلة للانسان في مدة مديدة من العمر بعد اتعاب شديد ومجاهدات عظيمة في مقام تقوية القوة النظرية وتحصيل الملكات والاخلاق الفاضلة - بمجرد المرض أو الهرم في اخر العمر أو بسبب الموت ، مع ان الدنيا مزرعة الاخرة ، والمعرفة بذر المشاهدة.

بل الصحيح ان علاقة النفس مع البدن حجاب قوي ومانع شديد. فاذا زال المانع وارتفع الحجاب كانت العلوم كلها حاضرة عنده ، مشهودة لديه.

نعم تزول الادراكات والملكات بسبب الانهاك في الشهوات والتوجه الى ما يضادها.

وان كان الملاك لعدم جواز التقليد - في المرض والهرم - عدم التمكن من اعمال القوة النظرية ، فلا يقدر بالفعل على رد الفرع الى اصله ، وهو معنى زوال ملكة الاجتهاد ، فمن البين بعد التأمل ان هذا الوجه مختص بالمرض والهرم ، ولا يعم الموت ، لان انقطاع علاقة النفس مع البدن وارتفاع الشواغل المانعة عن القدرة الفعلية يوجب كون النفس اقدر على رد الفرع الى اصله من حال حياته. ولعل امره قدس سره بالتأمل للاشارة الى بعض ما ذكرنا.

[٩٥] قوله قدس سره : ومنها الاطلاقات الدالة... الخ (١) .

قد عرفت تقريب دلالتها والجواب عنه. فلا حاجة الى الاعادة.

وهذا اخرما ساعده التوفيق من التعليق على ما افاده شيخنا واستاذنا العلامة رفع الله مقامه في دار المقامة. والحمد لله اولا واخرا والصلاة على نبيّه محمّد صلّى الله عليه وآله باطنا وظاهرا. كتبه بيمناه الداثرة المفتقر الى عفو ربّه في الاخرة محمد حسين الاصفهاني.

***

__________________

(١) الكفاية ٤٤٥ : ٢.

۴۳۰۱